بندر الخيران لجريدة الطليعة: الغزو لم يكن مفاجئاً.. وعلينا تفعيل الدستور لضمان المستقبل

بندر الخيران أمين عام المنبر الديمقراطي

بندر الخيران
الأمين العام للمنبر الديمقراطي

 

قال أمين عام المنبر الديمقراطي، بندر الخيران، في تصريح خاص، بمناسبة الذكرى الـ 25 للاحتلال العراقي، إن الكثيرين يتساءلون ويختلفون حول كيفية التعاطي مع هذه المناسبة في طرحهم، لأسباب عدة، أولها، هل نكتفي بذكر أسباب الغزو ونركز على خيانة النظام العراقي البعثي البائد ودكتاتوره صدام حسين؟ وهل هو غزو صدامي أم عراقي؟ وهل نكتفي بذكر بطولاتنا الملحمية المتنوعة بالتصدي للاحتلال؟ وهل نحمّل المسؤولية الكاملة لسياسة الغدر، التي يتمتع ويتميَّز بها المقبور صدام حسين؟ ونركز على الدور السلبي لحلفائه بما سمي «دول الضد»؟ أم نذكر بفخر المواقف الإيجابية والجبارة لحلفائنا من دول الخليج، شعوباً وأنظمة، وعلى رأسهم السعودية، وبعض الدول العربية، وعلى رأسها مصر؟

وأضاف الخيران «بالتأكيد، يجب أن تُذكر هذه المرحلة، بكل إيجابياتها وسلبياتها، لا من باب التشفي بالخصوم، ولا من باب الافتخار والتغني بانتصارنا، بل من باب مهم جداً، وهو «باب التقييم الفعلي والتحليل العلمي الحيادي»، حتى نتمكن من الاستفادة من تلك التجربة التاريخية والمرحلة المريرة، تفادياً لتكرارها، كحدث، وكيفية التعاطي معه».
وتمنى الخيران أن ترصد تلك الورش كافة الأنشطة والأسباب، والتفاعل معها، ورصد ردود الأفعال، وأن يُحرص على أن يكون من المشاركين من كانت لهم أدوار وأنشطة بارزة ومؤثرة على كافة الأصعدة؛ السياسية والعسكرية المقاومة، وكذلك ممن أدار العصيان المدني.وأردف أن ذلك يتطلب تشكيل ورش عمل من مختصين بالتحليل، وآخرين عايشوا تلك المحنة، ورصد تقييمهم وأدوارهم، سواء كانوا مواطنين أو مسؤولين، من الذين كانوا بالداخل أو بالخارج، وأن تكون تلك الورش بعيدة عن الاستعراض الإعلامي والتكسب الشخصي والمديح للمسؤولين.

غزو متوقع

وعن تقييمه الشخصي لتلك الفترة، قال الخيران: «باختصار شديد، ومن دون الدخول في التفاصيل التي لديَّ أدلة على وقوعها، لقد كان لتلك المرحلة أبعاد مهمة، يأتي في مقدمتها، أن الاحتلال والغزو العراقي كان متوقعاً، وليس مفاجئاً، كما يدعي بعضنا، بل كانت الأدلة والمعلومات المتواترة للسلطة عن حشود واستعداد لحرب ومواجهة قادمة لا محالة، وفي المقابل لم تحسب السلطة السياسية، آنذاك، الحساب المستحق، وكان ينبغي عليها أن تتحصَّن بأفضل الوسائل والإمكانيات، للحؤول دون وقوع الاحتلال».

وأضاف: كان أقل ما يجب فعله، هو إعلان الاستنفار العام، والاستعانة بالقوات الشقيقة والحليفة، لتكون على الحدود، وأخذ كافة الاحتياطات اللازمة، وبنصائح المختصين المخلصين، آنذاك، مع الاستمرار في التواصل واللقاءات السياسية، لسحب فتيل الأزمة.

دور الشعب

وزاد الخيران: كان هناك بُعد آخر، يتمثل في تغييب الشعب عن مجريات الأحداث، وتبسيط القضية، كأنها كما قيل على لسان السلطة «سحابة صيف»، لكن – للأسف – أكلت «سحابة الصيف» تلك الأخضر واليابس، واختطف شهداء وكرامات العديد من أفراد الشعب.

وأشار إلى أن هذا يأتي بجانب تسجيل الشعب الكويتي صورة نادرة جداً للتصدي للاحتلال، وقد عبَّر عن تلاحمه ووحدته بشكل لم يسبق له مثيل، سواء ممن كانوا خارج الوطن، أم ممن بقوا بداخله، وقد أدار الصامدون وطنهم باقتدار عالٍ جدا، وعلى كافة الأصعدة الخدماتية واللوجستية والأمنية بمسؤولية عالية، وحافظوا على بقاء الشعب بمعنويات مرتفعة جدا، رغم ما كان يحدث من جرائم بشعة وانتهاكات بحقه.

مرحلة ما بعد التحرير

وأضاف الخيران: لقد كان الشعب الكويتي جاهزا للانتقال لمرحلة ما بعد التحرير بروح عالية وطموح للتغيير وبناء الوطن من جديد على أسس صحيحة مستحقة من التطور السياسي والإداري للدولة، لكن السلطة – للأسف – لم تكن راغبة في ذلك، خوفاً من أن يُحد من صلاحياتها ونفوذها في الاستحواذ على مقدارت الوطن، وخوفا من المحاسبة على الأخطاء والجرائم التي ارتكبت بحق الوطن، وهذا ما حدث للأسف الشديد.

واعتبر أن البُعد الرابع، يتمثل في تفويت الفرصة في استثمار حالة الاندماج المجتمعي، وبروز اللحمة الوطنية لمكونات الشعب بالشكل الصحيح، بل على العكس، بدأ دق الأسافين بين مكونات الشعب، وخلق التفاضل بينه، بهدف الإثارة وتأجيج المشاعر، وتوسيع الخلاف بين أطيافه، بالإضافة إلى ترك قضية نمو التطرف الديني، الذي بدأ يظهر بصور وأشكال مختلفة بالتعاطي والتصادم، سواء كان مع أفراد أو جماعات، والأحداث التي وقعت والجرائم التي ارتكبت متعددة ومتنوعة.

وأشار إلى أن ما زاد الطين بلة، غض النظر المتعمَّد عن هذه المظاهر والأحداث التي بدأت تأخذ أبعاداً طائفية متكررة، بل وتركها تخوض وتشارك بصور وأشكال مختلفة في صراعات إقليمية مسلحة، وتبرر التصادم بين مكونات الشعوب، وهذا ما بدا الآن جلياً واضحا ومتطوراً بشكل خطير في كل ما يجري في العراق أو سوريا أو دول الربيع العربي، الذي تحوَّل – للأسف الشديد – نتيجة للتخلف الكبير والتمزيق الشديد بين مكوناتها إلى خريف مدمر، قضى على مقدراتها، بكل ما تعني الكلمة من دمار.

صورة مستقبلية

وانتقل الخيران إلى البُعد الخامس، قائلا «أما مستقبل علاقتنا مع العراق، فإنه وجميع دول الجوار، تربطنا بها علاقة جغرافية تفرض علينا ضرورة التعاطي والتعامل معها بشكل خاص، بحكم تداخل المصالح والتأثر بمعطياتها وتداعياتها، سواء كانت سياسية أم اقتصادية، وأن التعامل والتعاون معها أمر مستحق، يتطور إيجابياً، إذا عملت بنظام مستقر متطور، وسلبياً إذا كان صدامياً، مستنداً إلى انقسام طائفي وعرقي، فإنه سيساهم بتأزم العلاقة الثنائية، لأسباب تصعب علينا التعاطي معها.

و زاد قائلا «العراق، حاله كحال العديد من دول أمتنا العربية، يمرُّ بمرحلة تهاوٍ سياسي كبير، تنعكس تداعياته على الشعب العراقي، الذي يستحق ظروفاً ومناخاً أفضل، ليعيش به بسلام وأمان واستقرار اجتماعي وسياسي واقتصادي، وهذا ما نتمناه دائما لنا ولكل دول الجوار والعالم، مؤكدا ضرورة التمسك بجادة الصواب، المتمثلة بتفعيل الدستور الكويتي الذي ارتضيناه جميعاً كطريق مقوم لمسارنا الديمقراطي، وكقانون رئيس لبناء دولة المؤسسات المدنية، التي تكفل حقوق وواجبات الشعب، وأن نسعى إلى التفعيل الحقيقي له، وأن نبدأ بالتخطيط لبناء مستقبل والإعداد لوطننا وشعبه، متجاوزين ومنتقلين إلى الدولة الحديثة، القائمة على تعدد الموارد والتحول الإنتاجي للمجتمع والقوى العاملة فيه، مفعلين اقتصاداً وطنياً حقيقياً تشارك به القوى والفعاليات الاقتصادية الوطنية لتحويله للقطاع المنتج.

طموح وآمال

واختتم الخيران تصريحه، قائلا «هناك الكثير من الإيجابيات والآمال نتمنى الاستفادة منها، وما زلنا على ثقة كاملة، ولدينا طموح بأن التطور والحل قادمان لا محالة، لكن كنا نتمنى ولانزال تحقيقه بأقل الخسائر لوطننا العزيز وشعبه الكريم، وهذا ما يتطلب تضافرا وتعاونا جديا مستحقا بين كافة مكوناته وأطيافه وفعالياته، وصولاً لمكانة نستحق أن نعيشها ونتمتع بها، وإن لم نستطع، فعلى الأقل نوفرها لأبنائنا ومستقبلهم.

وتمنى في الختام، أن تنتهي هذه الحقبة المؤلمة من تاريخنا العربي، وأن تحظى شعوبنا العربية خاصة، والأممية عامة، بظروف ومستقبل زاهر بالعطاء والتعايش والتفاعل الإنساني، بعيداً عن البؤس والقتل والتنكيل.

 

نقلا عن جريدة الطليعة