سعاد فهد المعجل: الدولة الفاشلة

سعاد المعجل عضو المكتب السياسي

سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي

حدثني صديق من السودان، عن أحوال بلده اليوم، وكيف أن المياه مقطوعة باستمرار عن أغلب المناطق، علماً بأن السودان يقع على ثلاثة أنهر.

صديقي هذا الذي عاش فترة ازدهار الثقافة والفكر والتنوير في سودان سبعينات القرن الماضي، يتحسَّر اليوم على ما تبقى من بلده، من مقومات الدولة المدنية والمؤسساتية، بعد أن عاث فيه فكر وسياسة الإسلام السياسي فساداً وتخلفاً وقمعاً، حوَّله من دولة منتجة ونشطة ومستنيرة إلى دولة فاشلة وفاشية وعاجزة.

اليوم، ليس السودان وحده الذي تحوَّل إلى دولة فاشلة، وإنما العراق وسوريا وليبيا واليمن.. جميعها تعد اليوم، وبمعايير عالمية، دولاً فاشلة.. والسؤال؛ مَن الذي يصنع معايير الدول الفاشلة، إن كانت هناك بالفعل معايير؟ وما الذي يحوّل دولة إلى فاشلة؟

خلال السنوات العشر الماضية، قامت مجلة «فورن بوليسي» الأميركية، بإعداد مقاييس حول مدى سوء الأوضاع في دول مختلفة في العالم.. هذه المقاييس أطلقت عليها المجلة اسم «مقاييس الدولة الفاشلة»، ضمنها ما هو اجتماعي، كزيادة السكان وسوء توزيعهم، بالإضافة إلى النزاعات المجتمعية الداخلية، وهجرة العقول والطبقات المنتجة من الدولة، ومنها ما هو اقتصادي، كغياب التنمية وانخفاض سعر العملة والميزان التجاري والشفافية، وتفاقم الفساد.. أما ما يتعلق بالمؤشرات السياسية، فتشمل فقدان شرعية الدولة، وفساد النخبة الحاكمة وغياب الشفافية والمحاسبة السياسية، وضعف الثقة في المؤسسات وفي العملية السياسية، ما يزيد من مقاطعة الناس للانتخابات، وانتشار التظاهرات والعصيان المدني.

المشكلة، أن مقاييس مجلة «فورن بوليسي»، انطبقت على أكبر عدد من الدول العربية والإسلامية، فجاءت مصر في المرتبة الـ 31، قريبة من ميانمار ونيبال.. أما الصومال، فقد احتلت المرتبة الثانية، ثم السودان في المرتبة الخامسة، واليمن الثامنة (هذا بالطبع قبل الحرب الأخيرة)، والعراق وسوريا، الثالثة عشرة والخامسة عشرة.

الدولة الفاشلة أثبتت خطرها، ليس فقط في محيطها الداخلي، وإنما إلى خارج حدودها، حيث تأتي هذه الدول كحاضنة، وبالتالي مصدّرة للإرهاب، وتجارة المخدرات، والأسلحة غير الشرعية، بالإضافة إلى اللاجئين غير الشرعيين.

الدولة الفاشلة، هي في نهاية الأمر، نتيجة سوء إدارة، فكما أن هناك شركات ناجحة وأخرى فاشلة، فهناك كذلك دول ناجحة، وأخرى فاشلة.

 

نقلا عن جريدة الطليعة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*