سعاد فهد المعجل: بلاد العرب أوطاني

سعاد المعجل عضو المكتب السياسي

سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي

أزمة اللاجئين العرب، من سوريا والعراق وليبيا وغيرها من مناطق النزاع، لا تدمي تفاصيلها القلب فحسب، بل تشعرنا، كعرب، بالخزي، في ظل تجاهل الحكومات العربية لهذه المشكلة، وتركها برمتها للضمير الدولي، الذي بدأ في مباشرة إجراءات لاحتوائها، خصوصاً أن كل اللاجئين ينشدون الأمان في أوروبا، وليس في بلاد أشقائهم العرب والمسلمين، فهم لا يريدون أن يخرجوا من متاهة القمع والخوف والتسلط، ليدخلوا في متاهات أخرى مشابهة.

البعض يرى أن عمليات التهجير تحمل معنى أبعد من مجرَّد دفع العالقين في مناطق النزاع للنجاة بأرواحهم من القتل والعنف والخوف، وأن هناك مخططاً يرمي إلى إعادة تشكيل الخريطة السكانية في المنطقة على أسس طائفية ومذهبية وعرقية.. فما حدث في مدينة «تل أبيض»، من تهجير قسري للعرب والتركمان، ومنع عودتهم إلى بيوتهم، هو شاهد على هذا التهجير القسري والتطهير العرقي، ومثلها حدث في محافظة «الحسكة»، وفي قرى كردية في الريف الجنوبي لمدينة حلب، حيث قام «داعش» بارتكاب مجازر تطهير وتهجير لقرى كردية.. كذلك، قام النظام السوري بتهجير السُنة من حمص وبعض القرى الساحلية.. أما في العراق، فقد ساهم «داعش» في عام 2014، وحده، بتهجير قسري لأكثر من ثلاثة ملايين عراقي من نينوى وديالى والأنبار وكركوك.

ولتنظيم تدفق اللاجئين، وقَّعت عدة دول في الاتحاد الأوروبي على ما يسمى باتفاقية دبلن للبصمات.. ووفق هذه الاتفاقية، لا يُسمح لأي شخص بتقديم طلب اللجوء في أكثر من دولة من دول الدبلن، ويحق للشخص التقديم في أي دولة، إذا ثبت أنه قام بمغادرة دول الاتحاد الأوروبي لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، في حينها يحق للشخص التقدم بطلب لجوء جديد، إذا تمكن من التخفي لمدة 18 شهراً في أي دولة من دول الدبلن.

أنغيلا ميركل، المستشارة الألمانية، دعت إلى ضرورة حل مشكلة اللاجئين والتضامن معهم، وأيضا مساعدة دول غرب البلقان، التي تواجه تحديا هائلا، يتمثل في التعامل مع عشرات آلاف اللاجئين، الذين يحاولون الوصول إلى دول الاتحاد الأوروبي.

أما وزير الخارجية الألماني، فقد صرَّح بأنه لا يمكن حل أزمة اللاجئين من خلال رفع الأسوار، في انتقاد واضح للمجر، التي بنت أسواراً، للحيلولة دون دخول اللاجئين إلى أراضيها.

واضح أن مقولة «بلاد العرب أوطاني.. وكل العرب إخواني» لا تنطبق على حالة المهجرين العرب اليوم، فهؤلاء اللاجئون يعزفون عن اللجوء إلى دول عربية، لأنهم يعلمون جيداً أنها لن تحترمهم، كلاجئين، لأنها أصلاً لا تحترم مواطنيها، فنحن لا نزال نفتقد الرؤية الشاملة والإطار القانوني الضامن لحقوق اللاجئين.. شاهدناها في نموذج اللاجئ الفلسطيني، الذي كان أول ضحية لغياب مثل هذه الرؤية.

 

نقلا عن جريدة الطليعة