عبدالله النيباري: الاستثمار السياسي لإعدام النمر

image

عبدالله النيباري
نائب سابق

قضية إعدام المعارض السعودي الشيعي نمر النمر، من بين 47 مواطناً، نُفذ فيهم حُكم الإعدام، تحوَّلت من مناقشتها، كقضية لحقوق الإنسان ومدى توافر شروط المحاكمة العادلة، من قوانين وتركيب جهاز القضاء، بجانب وجود قوانين تضمن حقوق الإنسان، إلى صراع سياسي بين إيران والمملكة العربية السعودية، يُضاف إلى ما تعانيه المنطقة من مآسي الصراعات في سوريا واليمن وليبيا والعراق، حيث القتلى بمئات الألوف، كما أن المشرَّدين والمهاجرين واللاجئين أعدادهم بالملايين.

فتحرَّكت إيران وحرَّكت الموالين لها، بتفجير صراع ضد نظام الحُكم في المملكة السعودية، وكما قال د.غانم النجار في مقال له في جريدة الجريدة «إن الاعتراض على تنفيذ الإعدام من بعض الجهات جاء من ناحية مبدئية، في حين جاء الانتقاد الإيراني بصيغة سياسية».

فلم ينحصر موقف إيران في انتقاد الإعدام، لكنه اتخذ طابعاً هجومياً على نظام الحُكم، ورفع أتباعها شعار «إسقاط النظام» في المملكة، وبدأ بحرق السفارة والقنصلية السعوديتين في إيران، وتظاهرات في العراق رفعت شعار حرق السفارة السعودية في بغداد.

فإذا كانت السعودية تواجه انتقادات من زاوية مدى توافر ضمانات حقوق الإنسان، وغياب القوانين المدنية، لضمان حقوق المواطن، وغياب فرص المواطنين في المشاركة السياسية، وضمانات حرية الرأي والتعبير عنها بكل الوسائل المشروعة، فإن سجل إيران في إهدار حقوق الإنسان يعجُّ بالمخالفات، وهو موضوع اعتراض واحتجاج من الأمم المتحدة، ومن منظمات حقوق الإنسان، لانتهاكها الاتفاقيات الدولية، فأعداد المساجين والمعتقلين بلا محاكمة كبيرة، والإعدامات المتواصلة وموت المعتقلين والمسجونين تنافس الصين.

في انتخابات 2009، حرم الناشطون السياسيون المودعون في السجن من ممارسة حقهم في المشاركة في الانتخابات، ولضمان نجاح أحمدي نجاد اتخذت إجراءات ضد المرشحين الرئاسيين المنافسين؛ حسين موسوي ومهدي خروبي، وهما لا يزالان تحت الإقامة الجبرية، كما أن الرئيس السابق محمد خاتمي ممنوع من السفر.

أما الإعدامات، فسجل إيران مريع في هذا الجانب، وينقل عن المؤرخ السياسي إيرفاند إبراهاميان، أن حالات الإعدام في نظام الملالي فاقت ما حصل في عهد الشاه، الذي لم يزد عدد إعدام المعتقلين السياسيين في عهده على مائة، في حين بلغ عدد حالات الإعدام منذ ثورة الخميني 7900، خلال الفترة من 1981 إلى 1985.
وتذكر التقارير، أن إيران أعدمت 753 شخصاً عام 2014، وأكثر من 800 شخص عام 2015.

ومن المآخذ على نظام الملالي، اضطهاد الأقليات، مثل البهائيين والسُنة والعرب، الذين تقدر أعدادهم بما يفوق 20 في المائة من إجمالي السكان.

والأكثر فداحة في السجل الإيراني، الأحكام الجائرة ضد النساء والأطفال واليافعين تحت سن 18 سنة. وإذا نظرنا إلى ادعاء إيران، بأن ثورتها لحماية المظلومين في العالم، فمساهمتها في دعم نظام بشار الأسد يدحض هذا الادعاء، فالقتلى من الشعب السوري تجاوز الثلاثمائة ألف، والمهجرون واللاجئون تجاوز عددهم 12 مليوناً، وتحوَّلت المدن السورية إلى خراب ودمار، وإيران هي الشريك الأكبر في مأساة الشعب السوري، فمشاركتها بضباطها ومستشاريها وعناصر حرسها الثوري وحزب الله، الموالي لها، كانت مباشرة في العمليات الحربية، ولم تقف عند حدود الدعم السياسي والمالي والتزويد بالسلاح.

المحصلة، إن محاولة إيران استثمار الإعدامات في السعودية أسلوب يؤجج الصراع الطائفي في المنطقة، وهو المرض العضال الذي نعانيه.