يصادف اليوم الذكرى السنوية الأولى لرحيل الرمز الوطني الكبير السيد عبدالله محمد النيباري بعد حياة نضالية حافلة تخللها العديد من الأحداث والمواقف والإنجازات المهمة التي وضعته في مصاف رجالات الكويت المخلصين الذين قدموا الغالي والنفيس في سبيل الوطن.
فقد عمل منذ دخوله المعترك السياسي على نشر الديمقراطية والمساهمة الفعالة بالتوعية بدستور دولة الكويت وأهميته في بناء الدولة الحديثة القائمة على المؤسسات والمرتكزة على احترام سيادة القانون وعدم التمييز بين مواطنيها على مختلف مشاربهم ومحاربة كافة أشكال الطرح الفئوي الذي يهدف إلى تمزيق المجتمع ووحدته الوطنية.
وتمتع المرحوم بإطلاعه على ثقافات ومدارس فكرية عدة سخرها في إثراء الجوانب الثقافية والفكرية في الساحة السياسية المحلية علاوة على تخصصه في الاقتصاد الذي برع فيه ووظفه في عمله السياسي، إذ اشتهر في النظر للمشكلات القائمة من زاوية اقتصادية وتقديمها بلغة الأرقام وبطريقة مقنعة تبين رجاحة رأيه فيها وتقنع الآخرين في كيفية التعامل معها وتقديم الحلول المناسبة.
ولقد قام المرحوم بدور تاريخي في معركة تأميم النفط حيث أطلق عليه لقب بطل التأميم عندما إنبرى للدفاع عن الثروة الوطنية في وجه أطماع شركات البترول العالمية التي أرادت أن تستأثر بحصة لا يستهان بها من النفط والغاز على حساب الكويت وشعبها واستطاع مع النواب الوطنيين الذين دافعوا بصلابة عن ثروة الشعب الكويتي بتحقيق مطالبهم وتأميم النفط وسيادة الدولة على كافة ثرواتها الطبيعية.
كما قام المرحوم بدور هام، مع المرحوم الأستاذ حمد الجوعان، بإنشاء المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية التي حفظت حقوق المواطنين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص لفترات إمتدت لما قبل تاريخ إنشاءها خصوصا لمن تبقى من الجيل القديم الذي قدم الكثير من التضحيات للكويت.
واشتهر المرحوم بدفاعه عن المال العام ومحاربته للفساد ورموزه، فقدم الكثير من الإستجوابات المستحقة التي كشفت للشارع الكويتي رموز الفساد وممارساتهم، ولا ينسى الشعب الكويتي مواقفه الشجاعة في الدفاع عن المال العام والتي أدت إلى المحاولة الآثمة لاغتياله ونجاته مع زوجته منها والتي تعد خروجاً على ما تعارف عليه الكويتيون الذين اشتهروا بمسالمتهم واحترام كلمة الحق والإختلاف في الرأي، وقد تعالى المرحوم على جراحه وسطر موقفاً أخلاقياً رائعاً بتسامحه مع من وقف وراء محاولة اغتياله الآثمة وهذا يبين معدنه الوطني الأصيل.
لقد شاءت الأقدار أن يرحل المرحوم عبدالله النيباري بعد أسبوعين من رحيل رفيق دربه الرمز الوطني الكبير د. أحمد الخطيب، فقد سطر الإثنان صفحات نضالية ومواقف وطنية بطولية حافظوا فيها على المكتسبات الشعبية وساهموا في بناء مؤسسات الدولة وقدموا خلال تجربتهم النيابية الأداء البرلماني المشرف الذي حفظ للبرلمان صورته التشريعية والرقابية الحقيقية لا الصورة التي نراها مؤخراً من قبل العديد من البرلمانيين الذين شوهوا العمل البرلماني والديمقراطي بشكل عام.
ونؤكد في المنبر الديمقراطي على أننا لن نحيد عن النهج الذي أرساه رموز العمل الوطني الذين تعد تجربتهم النضالية نبراساً لنا ولغيرنا من المخلصين من أبناء الكويت.
المنبر الديمقراطي الكويتي
20 مارس 2023