عبد الله النيباري : آثار المقترحات الحكومية الحالية جزئية.. بل هامشية

image

عبدالله النيباري
نائب سابق

ما زلنا إزاء معالجة مصيبة انخفاض أسعار النفط ندور في حلقة مفرغة، أو نقع في زاوية ضيقة، فلا شك أن انخفاض إيرادات الدولة، وظهور عجز في ميزانية السنة المالية 2016-2017، بلغ 12.9 مليار دينار (القبس 24 يناير 2016)، بما يعادل 60 في المائة من قيمة المصاريف (19.5 مليار دينار) أمر يبعث على القلق الشديد، ويثير المخاوف، إلا أن تفكير السلطة، بكافة مؤسساتها، ينحصر في طرح اقتراحات لمعالجة تخفيض الإنفاق، ابتداءً من هذا العام، كمطالبة سمو الأمير، بتقليص مصاريف الديوان الأميري، والتفكير في رفع أسعار البنزين والمنتجات الأخرى، ورفع أسعار الكهرباء.

لكن المقترحات المقدَّمة حتى لو نُفذت، فإن ذلك لا يقلل من قيمة العجوزات، فآثارها على ميزانية المصاريف جزئية، بل تكاد تكون هامشية.

لقد تضخمت ميزانية الديوان الأميري بشكل كبير، وفاقت 700 مليون، متضمنة بنوداً يصعب تخفيضها، سواء الرواتب لنحو 2200 موظف، ومخصصات رئيس الدولة 50 مليون دينار.

أما مقترحات رفع أسعار البنزين، وقد تكون مستحقة، فهي من أقل الأسعار على مستوى العالم، بما فيها الدول العربية ودول الخليج، ومحصلتها في حال التطبيق لن تزيد على 128 مليون دينار، في حين أن محصلة رفع أسعار الكهرباء في أفضل الأحوال سترفع متوسط أسعار الكيلو وات ساعة إلى نحو 15 فلساً، وهو ما يعادل رفع التكلفة الحالية، وربما ثلثها، إذا حسبت على أسعار 30 دولاراً للبرميل.

إن المشكلة الأساسية تكمن في ضخامة المصروفات بشكل عام، البالغة 19.5 مليار دينار، منها الرواتب 10 مليارات، والدعومات 5 مليارات، ويرجع تضخم بند الرواتب، لارتفاع أعداد الموظفين، وضخامة بنود العلاوات والبدلات والمكافآت، التي فاقت 3 مليارات دينار، وتخفيض هذه البنود أمر ليس بالسهل، فهي تعد حقوقاً مكتسبة.

على كل حال، فإن أي نجاح في تنفيذ المقترحات المطروحة لن يكون كافياً لمعالجة الوضع.

فعلى المدى القصير قد تلجأ الدولة إلى تغطية العجوزات بالسحب من احتياطيها المستثمر في الخارج من السوقين المحلية والعالمية، إلا أن المشكلة تكمن على المدى الأبعد، فالمصروفات تنمو بمعدل 7 في المائة سنوياً، أي أن حجم الإنفاق سيتطور على النحو التالي: في عام 2021 سيبلغ 26 ملياراً، و31 ملياراً عام 2026،و52.4 ملياراً عام 2031، و73.5 ملياراً عام 2036، وعام 2041 سيصل حجم المصروفات إلى 103 مليارات دينار، أي خمسة أضعاف حجمه الحالي، وإذا كنا نحتاج حالياً إلى سعر 710 دولارات، لتحقيق إيراد يغطي المصروفات من دون ظهور عجز، فسوف نحتاج إلى أسعار لتغطية العجز، كما في الجدول المرفق:

image

المشكلة الكبرى التي ستواجهها الأجيال القادمة، أن توقعات ارتفاع الأسعار، وفقاً للسيناريوهات المتعددة، ستصل عام 2040 إلى معدل 160 دولاراً للبرميل.. طبعاً المشكلة قد تبدأ قبل ذلك بكثير.

لذلك، نحتاج إلى تفكير أعمق ونظرة أبعد، لمواجهة متطلبات حياة الأجيال القادمة، فهل ننتظر من مؤسساتنا، بكافة مستوياتها، الارتقاء لمعالجة هكذا مشكلة؟!

نقلا عن جريدة الطليعة