ماذا كسبت إيران؟ وهل خسرت في بعض المواقع، من جراء الاتفاق النووي الأخير؟
هذا هو السؤال الذي يتداوله المحللون والمتابعون للشأن الإيراني، منذ أن دخل الاتفاق النووي حيّز التنفيذ.
للمرة الأولى، ومنذ أكثر من ثلاثة عقود، يفيق الإيرانيون واقتصادهم ودولتهم بلا حصار، ما يعني عودة ما يقارب 50 مليار دولار مجمَّدة عودة قوية إلى أسواق النفط والطاقة، مع عزم إيران على الإسراع في زيادة إنتاجها، المقدَّر حاليا بـ1 2.8 مليون برميل يوميا، وتعزيزه بما يقارب المليون برميل إضافي، بهدف التوصل إلى إنتاج 4.2 ملايين برميل مع نهاية العام الحالي.
رفع العقوبات والحصار عن إيران يعني تدفق البضائع الإيرانية من الفستق إلى الكافيار والسجاد والأغذية ومنافسة الأسواق العالمية، كما يعني إلغاء كل القيود على القطاع البنكي والتأمينات.
ردود فعل العالم بالطبع كانت متشابهة، فالشركات التجارية الألمانية والنمساوية واليابانية بدأت في شد الرحال باتجاه السوق الجديد العائد إلى حظيرة الاقتصاد والمال العالمي، فمنذ توقيع الاتفاق في يوليو من العام الماضي، أرسل الألمان والفرنسيون والإيطاليون الوفود السياسية والتجارية، لاستعادة السوق الإيرانية.
لكن مثل هذه البهجة بالانتصار والتفاؤل بالمستقبل لا تخلو من معوقات رصدها بعض المحللين، الذين يرون أن الوقت لايزال مبكراً على تسمية ما حدث انتصاراً لإيران، فالمكاسب السياسية والاقتصادية التي تحدثت عنها وكالات الأنباء والتحليلات الكثيرة، لن تتحقق، إذا لم يؤدِ رفع العقوبات إلى تحسُّن واضح وملموس على مستوى الشارع الإيراني، المرهق من تبعات الحصار والعقوبات وانهيار العملة وشح الأسواق.
البعض أصبح يخشى أن تدفع إيران باليد اليمنى ما تجنيه باليد اليسرى، بسبب تدني أسعار النفط، التي ستؤدي العودة الإيرانية إلى تراجعها أكثر، ما قد يحول دون تحقيق نتائج ملموسة يستشعرها الإيرانيون ويجنون بعض ثمارها.
إيران تتحرر اقتصادياً في ظروف اقتصادية عالمية وعرة، وفي مناخ إقليمي معقد سيُجبرها على دعم حلفائها بالمال والسلاح وتعزيز دورها على المستوى الإقليمي، وهو ما ستكون له انعكاساته المباشرة على الأمل الإيراني، بأن يفتح الاتفاق فصلاً جديداً في العلاقات بين طهران والعالم.
الإيجابيات قطعاً تفوق سلبيات العودة الإيرانية المرتقبة، ذلك ما رصده أغلب المحللين، ولدينا نحن أمل أكبر بأن تعزز العودة الإيرانية أمن المنطقة واستقرارها، وأن تنعكس الحرية الإيرانية على حرية شعوب المنطقة بأسرها.
نقلا عن جريدة الطليعة