علي حسين العوضي : أزمة الشباب الوطني (5)

image

علي حسين العوضي
الأمين العام المساعد

قبل ما يقارب 10 سنوات، تم الإعلان عن تأسيس منظمة شبابية، حملت مسمى «رابطة الشباب الوطني الديمقراطي»، ذات رغبة شبابية، حاملة مبادئ وأهدافاً عدة، ارتكزت في مجملها على مفهوم المواطنة الدستورية، ونبذ التطرف والإقصاء، ونشر ثقافة التسامح، كما تبنت في برامج عملها الأنشطة الشبابية المتنوعة.

إلا أنها في سنوات عملها الأولى لم تحقق النجاح المأمول، لكنها في المقابل لم تفشل، أو تنتهي فكرتها، وكان أفرادها يحاولون المرة تلو الأخرى المحافظة على وضعيتها، رغم الظروف الصعبة التي مرَّت بها البلاد منذ تلك الفترة، وظهور تنظيمات شبابية كثيرة، وكانت المحصلة أن هذه التنظيمات لم يعد لها وجود، في الوقت الذي استمرت فيه الرابطة بممارسة أنشطتها وأعمالها، التي تغيَّر مسماها إلى «رابطة الشباب الكويتي»، وهي اليوم منظمة شبابية تطوعية حصلت على اعتراف رسمي من قِبل وزارة الشؤون، ولها مقر معروف ومعلوم داخل أسوار الجمعية الثقافية النسائية، وتقيم أنشطتها الشبابية في مختلف المجالات، كما تتبنى القضايا الشبابية، وتطرح وتدافع عنها، وفق إمكانياتها وقدرات منتسبيها.

ومن المهم أن نتناول الأسباب الرئيسة لنجاح واستمرارية هذه الرابطة الشبابية، وهو ما يعني ضرورة معرفة الأسس الصحيحة للعمل المنظم.

في الحقيقة، تربطني بأفراد وأعضاء الرابطة علاقة متبادلة، وأحرص على متابعة كافة الفعاليات التي يقومون بها، ودائما ما يتقبلون الملاحظات بصدور رحبة، لأنها وفق قناعاتهم أولى الخطوات لتقييم المسار، ما يعني قدرتهم على تلافي الأخطاء، فلا يوجد عمل يخلو من الأخطاء، وهذه الملاحظات تعطيهم دافعا وحماسا كبيرين لمواصلة المزيد من العمل، وفقا لأهدافهم وتطلعاتهم، وأعتقد أن هذا الأمر يمثل أحد العوامل المهمة في بناء أي مؤسسة، خصوصا إذا كانت ذات إطار شبابي تطوعي.
وليس هذا العامل وحده، فهناك التوجه الديمقراطي، سواء بانتخاب الهيئة الإدارية أو في اتخاذ القرار المناسب الذي يسمح بتنوع الآراء، وصولاً إلى رأي يعبّر عن المجموعة كلها، ولم يكن مستغرباً أن تقود هذه الهيئة إحدى «الشابات»، في الوقت الذي اعتاد فيه الجميع على القيادة الذكورية.

العامل الثالث، هو التجديد المستمر، وفتح المجال للانتماء للرابطة، وهو ما جعلها تتميَّز بالحيوية والديناميكية، إضافة إلى رسم سياسات وأهداف قابلة للتطبيق والتحقيق، حتى وإن كانت صغيرة، ما يعني إنجاز المهام بتدرج من دون استعجال النتائج.

يضاف إلى هذه العوامل طبيعة الأنشطة المقامة وتنوعها، التي هي محل اهتمام قطاعات واسعة من الشباب، واستضافة العديد من النشطاء في المجالات الحياتية المختلفة.

قبل فترة دعتني الرابطة لأكون محاضراً لإحدى الحلقات النقاشية حول الإعلام، وتأثيره على الرأي العام، فلم أتردد في قبول هذه الدعوة، لأنني وجدتها فرصة للقاء مباشر مع أعضائها وجمهورها من الشباب، وفرصة للاطلاع عن قرب على ما وصلت إليه، ومن دون الدخول في تفاصيل كثيرة، فإن أول شيء لمسته، هو الرغبة الجامحة للاستفادة والتعلم، ليس بالانصات والتلقي، بقدر ما كانت بالحوار والمناقشة، وفي بعض الأحيان بـ «المداحر».

لن تكون رابطة الشباب الكويتي مجرد تجربة أو ظاهرة شبابية، فقد تعدَّت هذا المفهوم، وباتت اليوم واقعاً معاشاً، ومحط أنظار العديد من الشباب.

بالتأكيد، نجاح رابطة الشباب واستمراريتها في هذا الوقت الصعب يُحسب لأعضائها، كما أنها ليست فقط الوحيدة في مجالها الشبابي، فهناك تنظيمات شبابية أخرى سنلقي الضوء عليها في القادم من الأيام.

.. وللحديث بقية.

نقلا عن جريدة الطليعة