مسكين المواطن الكويتي، يفتح كل صباح الصفحة الاقتصادية، ليفهم- من دون جدوى- ألغاز الاقتصاد الكويتي ومفرداته، التي أعطب بها المسؤولون آذاننا.
أمثال الميزانية والموازنة والمشاريع الرأسمالية والتنموية وسبل الإصلاح المالي وسواها من مفردات لا يدرك فحواها سوى المتخصصين المعنيين.
المواطن الكويتي يريد أن يتنعم بما حباه الله به من نعم، وعلى السلطة حق توفير حياة كريمة له؛ بيت العمر وسلع رخيصة وتعليم وطبابة مجانية وسوق عمل مفتوح براتب مجزٍ.
الحكومة، هي المسؤول الأول وليس المواطن عن الوضع الاقتصادي والمالي في البلد، لأن بيدها زمام الأمور ومقاليدها، هي التي تتبنى الرؤى وتحدد السياسات وتضع المخططات وتجدد الأفكار لمشاريعها في كل القطاعات، هي التي تحصد الفلاح أو الإخفاق، حتى تنال ثقة أو سخط المواطن.
المواطن لا يقبل أن يكون في وجه المدفع، أو أن يلقى الإخفاق الحكومي على كاهله.
تابعوا تصريحات المسؤولين الحكوميين:
٨٠ مليون دينار ديون البلدية المستحقة تم التقصير في استيفائها، الأعمال الممتازة ١٨٥ مليون دينار يستحقها 99 في المائة من موظفي الدولة.
المباني الحكومية المستأجرة والسيارات الفارهة المستأجرة تقدر بمئات الملايين، مليارا دينار تهدرها الحكومة، لسوء إداراتها وتقاعس مسؤوليها، وبعدها يطلبون من المواطن أن يتنازل عن شيء من رفاهيته.
أين الرفاهية بعد تصريح وزير المالية أن 12 في المائة من الأسر الكويتية من محدودي الدخل وعددهم بحدود 22 ألف أسرة؟ وأين الرفاهية و5 في المائة فقط من محدودي الدخل يستفيدون من دعم الطاقة؟
وأين الرفاهية ومئات الألوف من المواطنين يئنون من خسائرهم في البورصة التي تخلت الحكومة في فرض الرقابة على المتلاعبين بالتداول على الأسهم؟
وأين الرفاهية والمواطن العادي لو وفر راتبه لعشرات السنين، فلن يتمكن من شراء شقة متوسطة الحال في منطقة داخلية؟
نحن لا نفهم كيف لبلد تعداد مواطنيه لا يتجاوز المليون ونصف المليون، مئات الألوف منهم يتسلمون رواتبهم من التأمينات الاجتماعية، متقاعدون، وباقي الموظفين من الوافدين من متدنيي الرواتب، ومع ذلك تبلغ فاتورة الرواتب بالميزانية بحدود 10.4 مليارات دينار.
هناك توجس وحذر من الدعوة لخصخصة القطاعات الاقتصادية، خصوصاً القطاع النفطي، ورهن مالية البلد بيد القطاع الخاص المحلي والدولي والشركات الأجنبية التي سيكون هدفها “شفط” أموال المواطنين والاستحواذ على الشركات الرابحة وتشغيل الموانئ والمطارات، لتتم مزاحمة العمالة الوطنية بعمالة أجنبية رخيصة، مع فرض أسعار مرتفعة، كرسوم وخدمات.
على الحكومة الحفاظ على الطبقة الوسطى العريضة في المجتمع، وعدم مسّ استقرارها المالي، من خلال سياسة الترشيد وزيادة الرسوم وإلغاء الدعوم، فالطبقة البرجوازية لن تتأثر بسياسة التقشف الحكومية، وتلقائياً سترفع أرباحها، لتعويض خسائرها، نتيجة ترشيد الدعم عليها وتقليص المناقصات، وستلهب جلد الطبقة الأدنى المضطرة للشراء والتسوق من معارض الطبقة الأولى.
وزير المالية والنفط بالإنابة يبدو متحمساً لمشروع الخصخصة، وكأنها فرس الرهان لإصلاح الميزان التجاري المائل والخلل الاقتصادي الفادح، ويتناسى أن القطاع الخاص يئن من استمرار مسلسل فشله الذاتي، ويترقب مَن ينتشله من حافة السقوط.
نقلا عن جريدة الطليعة