سعاد فهد المعجل : سوريا.. رؤية مختلفة

image

سعاد فهد المعجل
عضو المكتب السياسي

تابعت على إحدى الفضائيات لقاءً لروائي أميركي وُلد في لينينغراد، أندريه فلتشيك ليس روائياً فحسب، لكنه صحافي وصانع أفلام وفيلسوف، كما غطَّى عشرات الحروب من البوسنة إلى بيرو إلى سيرلانكا.

ما يميّز فلتشيك، أنه وُلد في الاتحاد السوفييتي السابق، وعاش مراهقته في الولايات المتحدة، وعمل وعاش في أغلب عواصم العالم، لديه عدة روايات، وكتبه تمَّت ترجمتها إلى أكثر من 15 لغة، وتميَّزت أغلب كتبه وحواراته الصحافية بنفس معاد للإمبريالية الغربية، حتى إنه أصدر كتابا بعنوان «الحرب ضد الإمبريالية الغربية»، يضم مجموعة من المقالات الفلسفية حول صعود الإمبريالية في الغرب.

كتب كذلك عن إرهاب الغرب، كما أسماه، وعن سقوط إندونيسيا في قبضة الغرب بعد عام 1965، وفي عام 2004 أخرج فيلماً وثائقياً عن مجزرة إندونيسيا عام 1965، كما أخرج فيلما آخر عن أكبر مخيَّم لاجئين في الصومال، وكتب الكثير عن عمليات التصفيات والقتل الإثني في رواندا.

في يناير الماضي كتب مقالا بعنوان «سوريا.. ستالينغراد الشرق الأوسط»، تحدث فيه عن تجربته الشخصية، حيث عمل في المناطق المحيطة بسوريا لأكثر من ثلاثة أعوام، وكشف – على حد قوله – ولادة «داعش» في المخيمات التي يديرها «الناتو» في تركيا والأردن.

ويقول في مقاله: «إني أشهد انهياراً كاملاً للشرق الأوسط، لم يبقَ هناك أي شيء راسخ، والدول التي اختارت طريقها الخاص سوت بالأرض بكل معنى الكلمة، والأخرى التي خضعت لأوامر الغرب فقدت روحها وثقافتها وماهيتها، وتحوَّلت إلى أكثر الأماكن بؤساً على سطح الأرض. يعلم السوريون أنهم إذا استسلموا، فإنهم سيتحولون إلى عراق آخر، أو ليبيا، أو حتى أفغانستان».

قد تكون وجهة نظر أندريه فلتشيك مختلفة تماماً عما عهدنا متابعته في الشأن السوري، لكنه رأي ينطلق من يقينه بحق الشعوب في العيش بسلام، ونبذها للحروب بجميع أشكالها، بغض النظر عن أسبابها وخفاياها السياسية.

هو يرى أن الناس تنهض بشكل غريزي حينما تتعرض حياتهم للخطر، وأنه في لحظات كهذه تكتب أكثر الفصول أهمية في تاريخ البشرية، لكن للأسف، كما يقول، في لحظات كهذه يموت الملايين.

لا يتحدث فلتشيك في كتبه ومقالاته أبداً عن الأنظمة السياسية، إنما يحركه دائماً واقع البشر تحت آلة الحرب البشعة، أياً كان موقعها، وعندما قارن بين موقف الروس، كشعب، لصد تقدُّم النازية في ستالينغراد، بموقف السوريين ضد قوى عبثت بأرضهم، كان يتحدث عن مواقف الشعوب من الخطر، إذا دهمهم، ولم يكن في موقفه تأييد لنظام ما أو لجيش بهوية محددة.

غالباً ما تسقط الحيادية عند الحديث عن الحروب، لذلك ينسى الناس في حماسهم، لدعم نظام ضد آخر، معاناة الناس البسيطة، التي غالباً ما تكون هي وقود الحروب البشعة، وهذا ما أراد أندريه فلتشيك أن يذكرنا به.

نقلا عن جريدة الطليعة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*