حبيب السنافي : لمصلحة مَنْ؟

image

حبيب السنافي
عضو المكتب السياسي

أحياناً تبدو حياتنا وكأنها كومة من الفوضى والتخبط، وسمة استلهمت من سمات حكوماتنا الغارقة في دوامة التخبط والتنظير، وهي أبعد ما تكون عن الحكمة والنظام.
عجلة حكوماتنا لا تستمر في الدوران إلا بهذه الصورة السلبية، حتى لا تنكشف مخالفاتها، وتجاوزاتها، وتراكمات الفساد في أروقة الوزارات ومكاتب القياديين فيها.

الجمعيات الأهلية، بتصنيفاتها، من جمعيات خيرية، ونفع عام، وتطوعية، تعد الرافد الأساسي للعمل المدني التطوعي، وصورة من صور المجتمع المدني، الذي يدير شؤونه ومهامه بنفسه بلا تدخل حكومي أو فرض هيمنة ونفوذ داخل جمعياتها العمومية ومجالس إداراتها.

ومن الأجدر توسيع فسحة الحرية للعمل داخل الجمعيات الأهلية، مع رفع الوصاية الحكومية عنها، من خلال إطلاق يد الجمعيات في تنظيم قوانين إنشائها، وتطوير لوائحها الداخلية، بما يتوافق مع المفاهيم المتقدمة للعمل الجماعي، بحيث تكون تلك الجمعيات العامة عاملاً أساسياً في تثقيف منتسبيها بالقضايا المهنية والمشاكل المجتمعية والشأن العام، مساهمة في تطوير أداء أفراد المجتمع، اتساقاً مع السياسات العامة للدولة.

الآن، هناك بوادر خطة حكومية لنسف مبدأ أهمية العمل الأهلي المدني واستقلاليته، من خلال تغييب الدور الفاعل لجمعيات النفع العام، وذلك بعرض مسودة مشروع قانون معدل وملغم بخصوص الجمعيات الأهلية، وهو ما رفضته واستنكرته ٧٤ جمعية نفع عام، باعتباره تدخلاً مداناً بحقوقها المكفولة دستورياً.

التعديلات الحكومية المقترحة مشبوهة، خصوصاً في ما يتعلق بالجمعيات الدعوية الدينية، فإفساح المجال لها بالتمدد الأيديولوجي داخل المجتمع بهذه الأريحية، وبتدخلات «مساهمة» في تطوير المناهج بكل الشؤون في وزارتي التربية والإعلام، يفقدهما استقلاليتهما في تخطيط وتنفيذ الرؤية العامة للبلد، وبمعنى آخر، حق «التدخل» في رسم السياسات التعليمية والإعلامية نتيجة صولة «المتدينين» مقابل تراخي شخصية قياديي الوزارتين أمامهم، بينما نتابع الإمكانات المحدودة وضعف ميزانيات بقية الجمعيات الأهلية، تزامناً مع تشديد المراقبة الحكومية على أنشطتها وفعالياتها ومشاركاتها الخارجية.

لماذا أدرج اقتراح تبديل النظام الأساسي للجمعيات الأهلية الآن، مزامنة مع تبديل النظام الأساسي لجمعية الإصلاح الاجتماعي؟ والتساؤل المطروح عما إذا كانت هناك صفقة حكومية متبادلة المصالح مع التيار الديني ضد التيار المدني ومؤسساته الديمقراطية.

نقلا عن جريدة الطليعة