عبدالله النيباري: آمل ان يأتي قرار “الدستورية” بإبطال المرسوم

عبدالله النيباري الأمين العام الأسبق للمنبر الديمقراطي

عبدالله النيباري
الأمين العام الأسبق للمنبر الديمقراطي

من الآن، وحتى صدور قرار المحكمة الدستورية، يوم الأحد المقبل، الموافق 2013/6/16، تعيش الكويت على سطح صفيح ساخن، في انتظار ذلك القرار، وما قد يترتب عليه من احتمال نزع فتيل حالة الاحتقان والتأزم، إذا كان القرار بإبطال المرسوم، أو باستمرار حالة الاحتقان، إذا جاء القرار لصالح بقائه.

هناك تكهنات كثيرة تطرح وفق رؤية كل طرف وتمنياته، فأوساط مجلس الأمة ترى وتتمنى أن يأتي القرار لصالح بقاء المرسوم، وهناك آراء، وعلى رأسهم مقدمو الطعن، يرون أن القرار سيكون باتجاه إبطال المرسوم.
ورأيي شخصياً، وبناءً على حصيلة متابعة المذكرات والدفوع المقدَّمة للمحكمة والمناقشة:
  أن الرأي الذي استندت إليه الحكومة في تبرير عدم اختصاص المحكمة الدستورية بمراقبة صدور المرسوم يرتكز على الاستشهاد، وبحكم المحكمة الدستورية الصادر في 1982/6/28، برفض الطعن في مرسوم الانتخابات، معلنة رفضها بأن حالة الضرورة الموجبة للتشريع الاستثنائي (إصدار مرسوم)، شرط سياسي، وليس قانونياً، ما يجعل تقديرها للأمير وحده.
وبعد تعرُّض هذا الرأي لانتقادات شديدة من الخبراء والباحثين وأساتذة القانون الدستوري، ومنهم د.عثمان عبدالملك الصالح ود.عادل الطبطبائي ود.محمد الفيلي ود.محمد عبدالمحسن المقاطع، نجد هؤلاء جميعاً اتفقوا على مد صلاحية المحكمة الدستورية لمراقبة مدى توافر الشروط الدستورية في إصدار المرسوم.
 فيقول د.عثمان عبدالملك «لا يمكن أن نتصوَّر في نطاق الدستور أن تتخلَّى المحكمة الدستورية عن مسؤوليتها في مراقبة توافر شرط الضرورة، أو أن تتخلى عن مسؤوليتها في هذا الأمر».
ويرى أساتذة القانون، أن خضوع إصدار المراسيم لرقابة المحكمة الدستورية، لضمان عدم تغوُّل السلطة التنفيذية على عملية التشريع، وإصدار القوانين، ويستشهد د.الطبطبائي بحُكم المحكمة الدستورية العليا المصرية، الذي أكد أن شرط إصدار المراسيم وتقدير حالة الضرورة لا تستقل بها السلطة التنفيذية، بل تمتد إليها رقابة المحكمة الدستورية، للتحقق من قيام حالة الضرورة في الحدود التي رسمها الدستور، ولضمان ألا تتحوَّل هذه الرخصة التشريعية الاستثنائية إلى سلطة تشريعية كاملة ومطلقة، لا قيد عليها ولا عاصم، من جموحها وانحرافها. (د.عادل الطبطبائي، النظام الدستوري ص 608).
وقد حسمت المحكمة الدستورية الكويتية في أمر بسط اختصاصها في النظر في تقدير حالة الضرورة في حُكمها في الطعن المقدَّم من الحكومة في قانون الدوائر الخمس بأربعة أصوات، بأن الادعاء باعتبار أي تشريع تراقبه المحكمة يُعد عملاً سياسياً من اختصاص السلطتين، لا يجوز نقض أمر من شأنه أن يفرغ الرقابة الدستورية من مضمونها، فجهة الرقابة الدستورية لا تتخلَّى عن مسؤوليتها، ملتزمة بأداء وظيفتها القضائية التي أولاها إياها الدستور، باعتبارها الحارسة على أحكامه، تدعيماً لمبدأ سيادة الدستور، بوصفه المعبّر عن إرادة الأمة.
كذلك، يرى خبراء الدستور، أن استخدام الرخصة الاستثنائية بإصدار مراسيم الضرورة تحكمها قيود شديدة لا تجيز التوسع في استخدامها في الأحوال العادية، وضربوا مثلاً لأحوال الضرورة واشتراط توافرها، أن تحدث حرب أو ثورة أو إضراب عام أو كوارث طبيعية، أو أن يكون هناك خطر جسيم مفاجئ يهدد النظام والأمن.
ولا يجوز استخدام الرخصة الاستثنائية في مواجهة أمر يمكن معالجته بصورة اعتيادية، ولا يجوز أن تمتد لتشريعات تعلو على التشريعات العادية، وقانون الانتخاب يُعد جزءاً مكملاً للدستور، فهو القانون المنشئ للسلطة التنفيذية.
وأشار د.عادل الطبطبائي إلى أنه «إذا كانت السلطة التنفيذية قد حلَّت المجلس، لخلاف بين السلطتين، ثم شرعت بتعديل قانون الانتخاب، فكأنها بذلك ترسم الطريق الذي مكنها من ضمان وصول أعضاء يؤيدونها في موقفها من المجلس المنحل.. وبذلك، تهدد فكرة تحكيم الشعب في الخلاف الدائر بين السلطتين»، والمجلس الذي ينتخب على أساس القانون المعدَّل لن يرفضه إذا ما عرض عليه.
وهذا ما حصل في المجلس الحالي.. لذلك، فإن الرأي السائد لدى الفقهاء الدستوريين، هو عدم جواز تعديل قانون الانتخاب بمرسوم.
وإذا جئنا للمرسوم الحالي، فإننا نجد أن الأسباب التي تضمنتها المذكرة الإيضاحية للمرسوم لم تتطرَّق لذكر أخطار خارجية أو داخلية، إنما تطرَّقت إلى وجود قصور وسلبيات وثغرات في قانون الدوائر الخمس بأربعة أصوات.
ويلاحظ أ.مشاري العصيمي في مرافعته، أن هذه الأسباب هي ذاتها التي قدَّمتها الحكومة في مذكرة الطعن في القانون المعدَّل بالمرسوم.
ومعنى ذلك، أن هذا التعديل لا علاقة له بالأخطار الخارجية والداخلية التي تحيق بالوطن، وهذه الذريعة كانت دائماً هي ما تتذرع به الحكومة في كل الحالات التي لجأت فيها إلى حلّ مجلس الأمة، في أعوام: 1976، 1986، 1999 و2006.
نستخلص من كل ذلك، أنه لم تكن هناك حالة ضرورة، فحدوث أمور في غياب مجلس الأمة تتطلب اتخاذ تدابير لا تحتمل التأجيل.
وقانون الانتخابات الصادر عام 2006 حاولت الحكومة تعديله عن طريق الطعن أمام المحكمة الدستورية، ولما جاء الحُكم غير ملبٍ لرغبتها، لجأت لاستخدام الرخصة الاستثنائية، بإصدار مرسوم الضرورة، من دون أن تكون هناك ضرورة.
الآن، وفي الأجواء التي ترتفع فيها أصوات المطالبة بالمصالحة، كما جاء في مذكرة شخصيات المبادرة، والحديث عن تقبُّل السلطات لما احتوته من آراء، وإذا استرجعنا خطاب سمو الأمير أمام الأكاديميين، بأن يعلن من خلالكم للشعب الكويتي بقبول تحكيم المحكمة الدستورية واحترام قرارها والالتزام به، فهل يمكن اعتبار مجيء قرار المحكمة الدستورية، حامية الدستور، بإبطال مرسوم تعديل قانون الانتخابات بلسماً لتنفيس الاحتقان، ومخرجاً من حالة التأزيم التي قسمت، ومازالت، المجتمع الكويتي، والعودة إلى حالته الطبيعية في إطار الدستور، وكنف القانون.. نأمل ذلك.
نقلا عن الطليعة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*