سعاد المعجل: جميعنا إرهابيون!

سعاد المعجل عضو المكتب السياسي

سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي

الحرب على الإرهاب التي ابتدعها الرئيس السابق جورج بوش، إثر هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أصبح لها أكثر من تعريف ومسمى، فهي حرب على الإرهاب عند البعض، وحرب ضد المخربين عند الآخر، ومقاومة للفئات الضالة أحياناً، ووقفة ضد التكفيريين في أحيان أخرى.. وهكذا.

المشكلة مع الإرهاب ليست في مقاومته، وإنما في تعريفه أولاً، فقد جاءت أول محاولة دولية لتعريف الإرهاب في ظل عصبة الأمم في عام 1937، حيث تم وضع تعريف للإرهاب في اتفاقية تم إقرارها في جنيف، لكن لم يُصادق عليها حينها سوى الهند، فلم تطبَّق.
كانت تلك المحاولة في فترة ما بعد الحرب الأولى وما قبل الثانية، وكانت حينها الظروف مختلفة تماماً عن ظروف المرحلة الراهنة.. فاليوم الإرهاب تجاوز حدود إرهاب الدولة والجيوش، وأصبح إرهاب منظمات وأفراد وكيانات سياسية، بغض النظر عن حجمها وعددها، لكن المشكلة في التعريف لاتزال قائمة، ولايزال المجتمع الدولي عاجراً عن الاتفاق حول تعريف محدد للإرهاب، لأسباب يتعلق أغلبها بالتعرض الواضح للسياسات داخل المجتمع الدولي.
حاول البعض تعريف الإرهاب لغوياً، وبكونه مرادفاً للخوف والخشية والرعب، وحاول البعض الآخر البحث عن تعريف شرعي للإرهاب على أساس أنه من كبائر الذنوب، ويستحق مرتكبه العقوبة والذم.. لكن كل هذه المحاولات لم تسفر عن تعريف محايد وحقيقي للإرهاب، فبقي كما هو عُرضة لتفاسير مختلفة تتلاءم مع مواقف وأهداف كل جهة.
تأتي سوريا اليوم لتشكّل مثلاً لمثل هذا الاختلاف في تعريف الإرهاب والإرهابيين، وبشكل أدَّى إلى تباين المواقف تجاه الأحداث المتفجرة فيها، فالثورة السلمية التي قامت بها أطراف ترفض سياسة القهر والذل وكبت الحريات التي يمارسها نظام ديكتاتوري عنيف، تحوَّلت وفقاً لبعض أجهزة الإعلام والمحللين السياسيين والأنظمة الدولية والإقليمية إلى معركة ضارية بين مجموعات إرهابية وتخريبية وبين جيوش نظامية مدعومة ومموَّلة، وتشوَّهت صورة النضال المستحق، وتوزع بين مجاهدين من العرب والشيشان والأفغان وبين جماعات القاعدة وغيرها.
لقد أصبح الإرهاب عدواً مجهولاً لدى البعض لتبرير الحروب والصراعات، بل وفي بعض الأحيان لتبرير القمع والكبت، بحجة الوقاية من تسلل الإرهاب، وما حدث في الولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر خير دليل، فقد تم استرجاع روح التجسس والمراقبة التي كانت سائدة في أميركا إبان الستينات والسبعينات، بل إن بعض المسؤولين فيها صرحوا بأن ما حدث في ذلك اليوم دليل على اختراق واضح للأجهزة الأمنية والاستخباراتية، وعلى ضعف تواجد ونشاط الاستخبارات المركزية بمنطقة الشرق الأوسط، بعكس ما كانت عليه الحال في ستينات وسبعينات القرن الماضي.
وبالنسبة لقاموس إكسفورد السياسي، فإن الإرهاب بصورة عامة يشمل أي أساليب تهدد الحياة تستعملها مجاميع سياسية نصَّبت نفسها في حُكم أو قيادة مجاميع غير مركزية في دولة معينة. ووفقاً لهكذا تفسير، فإن الجميع يصبحون إرهابيين.

نقلا عن الطليعة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*