حبيب السنافي: دعوة للسلام

حبيب السنافي عضو المكتب السياسي

حبيب السنافي
عضو المكتب السياسي

هل هناك خطر أعظم من الحرب؟

نعم، أن نرضى بها وسيلة وحيدة لفض النزاع وحسم الخلافات بين المتخاصمين.
وما يعني أن نرضى بها حلاً مرجحاً؟
يعني قبولنا بنتائجها، مهما عظمت .
أما عواقبها، فهي ما نراه اليوم على الساحة العربية، وخصوصاً على «يوتيوب»، من قتل وحشي، وتشويه للجثث، وهدم لقرى آمنة على رؤوس قاطنيها.. إما لاحتماء بعض المعارضين المقاومين بها، أو للشك بموالاة ساكنيها للمعارضة، وبات صراخ وعويل الأطفال الذي يصم الآذان رعباً لا يشجو بوجداننا، أو نواح الأمهات وشق جيوبهن على قتلاهن من الأبناء والآباء يصعق مشاعرنا المتبلدة، وأضحى الإحساس بعذاب الآخرين ومعاناتهم مفقوداً، وكأن الضحايا لا شعور عندهم ولا كرامة، ولم يكونوا يوماً ما جزءاً من أمتنا وشعبها.
هكذا أصبحوا لمجرَّد المعارضة والمطالبة بحقوقهم أعداء استحقوا القتل والتنكيل، واستبيحوا بلا رادع أو ضمير.
كل ذلك من أجل ماذا؟
أن نصنع السلام؟
إنه السلام الزائف الموهوم !
فلا يمكن لآلة الحرب أن تصنع السلام أو تفرضه، أو تنبت رياحين الورد بتربة الحقد والضغينة، وتبقى روح الانتقام مترصدة لساعة الرّد، ولو بعد أمد بعيد.
ويصدق الشاعر حينها بقوله:
وفي الناس عرق ضارب من توحش
يظل إلى الغابات والفتك يضرب
لقد لمسته الأنبياء فما ارعوى
مضوا وهو باق لم يزل يتوثب

الحروب يا سادة ليست بمجد تاريخي، ليفخر به، ويحتفل بذكراه، ابتهاجاً لطوابير الضحايا من البشر- من كلا الجانبين- قرباناً لطموحات وجشع السياسيين المولعين بالسلطة والشهرة.
وماذا تنتظر شعوبنا من حروبها الطائفية البغيضة؟
ألا ترى آثارها على الوجوه قنوطاً وبؤساً ويأساً، وإلى متى تدفع الثمن باهظاً، استجابة لدعاة الحرب وتجارها المتربة سحنهم بالنصر المقدَّس الزائف؟
إن هذا الكم الهائل من الحروب المسطرة على صفحات تاريخنا، والتي خضناها لعلل وتبريرات ساذجة، كان معظمها هدفه التعمية على أطماعنا وجشعنا بما لدى الآخرين، فسلبُنا للآخر حياته وممتلكاته أكرم وأعز عندنا من العمل والاجتهاد.
ولنتساءل..
ماذا عملنا على الجانب الآخر، لوقف نزيف الحروب والمصائب لشعوبنا؟
هل نشرنا مفاهيم الحرية، أو أقمنا للعدالة صروحاً، وعرّفنا الحقوق، وأسسنا المؤسسات، لتنضوي الطوائف والأقليات تحتها، وتنال حقها كاملاً غير مهضوم؟
لنبتعد عن الحروب الطائفية – الداخلية، إن كنا حقاً دعاة سلم وسلام، ولنفوّت على تجار الحروب وسماسرتها مآربهم الخسيسة، وخططهم الماكرة .
إنها دعوة ناصحة لتجنب الحرب وإنكارها، فالحرب البند الأول فيها: اقتل بلا رحمة، ونحن أولى بقول الشاعر :
كان أولى من كل ذلك لو أنّا
نزعنا الأضغان حساً ومعنى
إنما نحن إخوة أورثتنا
أمُنا الأرض منزلاً فسكنا
فعلام الخلاف وهو رحب
لو قنعنا بالنصف منه لأغنى

دعوة للسلام.. ليس إلا .

نقلا عن جريدة الطليعة