سعاد المعجل: نضال برلماني وليس جماهيرياً!

سعاد المعجل عضو المكتب السياسي

سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي

ماذا سيحدث، في حال حصنت المحكمة الدستورية مرسوم الصوت الواحد؟ هذا هو السؤال الذي ستترتب على إجابته مواقف كثيرة، وخصوصاً ما يتعلق منها بالمشاركة في أي انتخابات قادمة وفقاً لصيغة الصوت الواحد.

هناك أخبار انتشرت، وبسرعة، هذه الأيام، تتناول احتمال انتخابات قادمة، إما بصوت أو صوتين.. وبتصوري، أن ذلك أدَّى إلى تشتت واضح في رؤى «المعارضة» أو الأغلبية المقاطعة تجاه مسألة المشاركة، وبشكل انعكس، وبشكل ملحوظ، على التجمُّعات الأسبوعية التي دعت إليها كتلة الأغلبية السابقة.
هناك من أعلن مسبقاً موقفه تجاه المشاركة في الانتخابات القادمة، في حال تم تحصين الصوت الواحد، وذلك بعدم المشاركة، فيما هناك من لاتزال مواقفهم مبهمة بعض الشيء.
مشكلتنا في الكويت، كالعادة، أننا غالباً ما نُغلب النضال السياسي والبرلماني منه على النضال الجماهيري الأشمل والأعم، ففيما ينحصر نطاق النضال السياسي والبرلماني في قضايا محددة ورموز معينة، يأتي النضال الجماهيري، ليشمل هموم الجماهير الشعبية ومطالبها في مختلف المجالات، اقتصادية كانت أم اجتماعية أم ثقافية، وبشكل يعمل على فتح الطريق نحو تحرر المجتمع من جميع أشكال الاضطهاد والاستغلال والفساد، بل وحتى الصراعات الطبقية والطائفية والعرقية.
إن النضال يصبح مسألة عقيمة حين يتحوَّل من بحث ومطالبة بأمور تعود بالفائدة على أكبر شرعية من المجتمع، إلى صراع يتحرَّك بشكل أعمى، وبهدف يتيم، يسعى لتغليب مصلحة جماعة أو رؤية جماعة محددة، وبشكل يؤدي إلى إقصاء وتخوين كل مخالف لها.
مرسوم الصوت الواحد أصبح، وبكل أسف، هو القضية، ولم تعد هناك مشاكل ولا مثالب في نظامنا الديمقراطي، سوى مشكلة الصوت الواحد، والأسوأ من ذلك أن الموقف من الصوت الواحد أصبح هو معيار تقييم الوطنية والحس الوطني.
شخصياً، حين قاطعت الانتخابات التي أجريت وفقاً للصوت الواحد، لم يكن ذلك بسبب الصوت.. كان موقفي هذا، انطلاقا من رفض للنهج الذي يسعى دائما لتقويض مبدأ المشاركة السياسية، وهو النهج الذي لم يكن الصوت الواحد إلا أحد عناوينه، فالانتخابات في الكويت، ومنذ العام 1963، لم تكن تجري وفقاً للنزاهة والتجرُّد المطلوبين، بل كانت دائما، وكما يعلم الجميع، تدار بأشكال أسوأ من الصوت الواحد، وخير شاهد على ذلك قانون الانتخابات المجمَّد، والذي لم يتم تفعيله أبداً ولا في أي انتخابات أجريت طوال مسيرتنا الديمقراطية القصيرة.
مشكلتنا إذاً أن النضال أصبح موجهاً لخدمة أفكار وبرامج حزب واحد أو تجمُّع واحد، ولم يأتِ يوماً ليشمل الصالح العام، وبالشكل المفترض من النضال.

نقلا عن جريدة الطليعة