حبيب السنافي: المحكمة الدستورية.. والأمل المنشود

حبيب السنافي عضو المكتب السياسي

حبيب السنافي
عضو المكتب السياسي

تكتسب المحاكم الدستورية بأرجاء العالم قدراً هائلاً من التبجيل والتقدير، لما لأحكامها وقراراتها من صدى، حيث تمتد سلطتها على بقية المحاكم، ولما لقراراتها وأحكامها من صفة الحصانة والإلزام، وعدم إمكانية الطعن عليها أمام المحاكم الأخرى، ولأنها بصمة المرور لاكتساب القوانين شرعيتها وصحة تطبيقها.

لذا، يكون مبرر وجودها كهيئة قضائية الحلقة الأهم في الهيكل القضائي لأي دولة مدنية وقانونية، فهي السلطة العليا كمرجع يلوذ به عند الاختلاف بين السلطات وأحكامها فيصلاً عن الخلاف حول تفسير مواد الدستور، أو عند تعارضها مع مبادئ حقوق الإنسان والحريات ومطالب الديمقراطية، وتكتسب هيئة المحكمة جلالها والأحكام أهميتها بكونها المفسر والمعبر عن روح النصوص الدستورية ومقصدها ،بما يحقق الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمن للمجتمع، وبما يرفع أسباب الخلاف والخصام بين المتقاضين عندها، وإن كان اللغط حول المحكمة الدستورية إنشاء وتشكيلاً لم يحسم بعد عند بعض رجال القانون، إلا أن الحاجة للمحكمة كمفزع ومرجع مما لا يمكن الاستغناء عنه، أو إلغاؤه آنياً، وإلا سمحنا باستمرار الشحناء والحدة عند الفرقاء والخصوم، ما يصعب الحلول وتجاوزها مرحلياً، وهذا ما يستبين جلياً عند إصدار المحكمة الدستورية لأحكامها أو إجابتها عن الطعون المقدمة لها.
فالقبول الرسمي والشعبي مهم لحل النزاع واستجلاء مواضع الصواب من الخطأ، وغير ذلك يبقينا في دوامة التنازع والجدل العقيم.
ومن البديهي أن الترقب الحذر لحكم المحكمة الدستورية على الطعن المقدَّم من بعض أعضاء مجلس الأمة على مرسوم القانون بآلية الانتخاب بالصوت الواحد والمعارضة الشعبية اللافتة للمرسوم السالف ما يلحق الأهمية لحكم المحكمة الدستورية، فالحكم سيحل خلافاً أرَّق الشعب وفرَّق الرأي العام ما بين موافق ومعارض وأزَّم الشارع بحراك المجاميع الدينية والقبلية والشبابية وتصادمها مع الجهات الأمنية، حتى خيف من حدوث ما لا تحمد عقباه، فكان اللجوء لقضائها – المحكمة – حسماً وإنهاءً لمواطن الخلاف.
يبقى أخيراً العبء على هيئة المحكمة الدستورية، وإدراكهم لمدى مسؤوليتهم التاريخية في توجيه حكم المحكمة بالالتفات للاعتبارات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي ترتكز عليها مقومات المجتع الكويتي، مع تقدير الأوضاع الراهنة التي تنتعش فيها الاضطربات بالعديد من الدول العربية.
كل ذلك مع مراعاتها ثوابت المشروعية ومبادئ النصوص الدستورية، بما يحقق العدالة والمساواة، ويحفظ للشعب حقوقه ويرسي أمانيه بقضاء دستوري كعرين الأسد يخشى منه لا عليه.
 
عن جريدة الطليعة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*