حبيب السنافي: من هموم الإخوان

حبيب السنافي عضو المكتب السياسي

حبيب السنافي
عضو المكتب السياسي

مضى من فجر دعوة حسن البنا عام 1923 حتى الآن ما يقرب من ثمانين عاماً، وهي مدة ليست بالقصيرة، كان المفترض من قادتها ومنظريها خلال تلك الحقبة بلورة فكر الدعوة، وصياغة أهدافها ووسائلها ومراميها، مكتسبة من التجارب البشرية بما يستفاد منها في تأسيس الدول والأنظمة وتأمين قيامها وأسباب نهوضها وعوامل سقوطها، كما كان الأولى على مفكريها والقائمين على شؤونها استيعابهم للمتغيرات المستجدة في الكثير من القضايا الخلافية في الفقه والفلسفة وأنظمة الحكم ومناهج التعليم وغيرها من قائمة يطول سردها.

ولكن التاريخ يثبت أن حركة الإخوان ودعوتهم قد نالت أكثر مما تستحق من الاهتمام والعناية، وتضحيات الإخوان المتحمسين إيمانياً لاتوازي أبداً ما يكنه قادتهم ومنظروهم من ضحالة فكرية وسذاجة في مواجهتهم للحوادث الجسام، فهم لم يتبوأوا يوماً ما واجهة لإصلاح مجتمعي يعتمد نهجاً مخططا له بدقة، أو تصدوا لفساد ما بمشاريع قوانين تكفل لهم التفاف أفراد المجتمع حولهم وتأييدهم، ولم يملكوا رؤية مستقبلية لطبيعة الحكم وشكل الدولة، أو تقديراً لحقوق الأفراد والأقليات، أو فهماً لنمط الاقتصاد، ودور الاعلام، واستقلال القضاء، وسيادة القانون، وعلاقة الدولة بما حولها من الدول.

كان ما يشغل ذهن قادة الإخوان لايتعدى التافه من القضايا التي لو اطلعنا عليها لهالنا تفاهتها وتقادمها، فكأنهم استبدلوا عقولهم بعقول الحنابلة، وأظن لو قيّض لهم لكتبوا فتاواهم بريش النعام أو الحمام كأسلافهم!

تابع ما يتحفنا به المفكر المعروف جمال البنا- الشقيق الأصغر لحسن البنا- في مذكراته المنشورة بجريدة النهار حالياً أنه «حينما كان بمعسكر الاعتقال عام 1948 وقد مضى على بداية الدعوة 25 عاماً، كان عضوا مكتب الإرشاد المعتقلان معه يتباحثان بندية حول الاستبراء والاستنجاء، ويضيف أن «الإخوان فاشيون قطعاً وأن الطرائق الديمقراطية تفسدهم فعلاً كما لاينفعون فيها».

أما الإخونجي عبدالمنعم أبو الفتوح فيصف فكر الإخوان «بأنه فكر سلفي متشدد غارق في السلفية وأنهم كانوا ينظرون للفن باعتباره رجساً من عمل الشيطان، وأنه حتى نهاية السبعينات كانت المعركة حامية بين كوادر الإخوان حول العلاقة بين الرجل والمرأة وضرورة الفصل بين البنين والبنات، بدءا من المدرسة الابتدائية وما قبلها وصولاً لبناء مستشفى للرجال وآخر للنساء، كما كانت السجالات عامرة حول حلية رؤية خال المرأة أو عمها لوجهها أو كفيها».

كما تم إلزام الطالبات بالجلباب والخمار المسدل الذي لايظهر سوى الوجه والكفين.

هذه هي قضايا الإخوان وهمومهم وشواغلهم، لم يكن لهم هاجس التفكر بمعاني ومبادئ الديمقراطية والحرية والعدالة، ولم يعن لهم هدف السعي للوصول للحكم سوى تطبيق لعادات وتقاليد بالية، واستنساخ لسمات مجتمع متخلف لم تشرق عليه الأنوار بعد، وليدفعوا فاتورة تخلفهم وتبلدهم بحكم لم يدم سوى عام فريد لن يتكررأبداً.

نقلا عن جريدة الطليعة