عبدالله النيباري: إغاثة الشعب السوري واجب إنساني وضرورة أمنية

عبدالله النيباري نائب سابق والأمين العام الأسبق للمنبر الديمقراطي

عبدالله النيباري
الأمين العام الأسبق للمنبر الديمقراطي

في 15 مارس 2014 طوت ثورة الشعب السوري عامها الثالث، وها هي تدخل عامها الرابع بلا أمل للوصول إلى نهاية لمعاناة الشعب السوري، التي تضخمت لأبعاد إنسانية غير مسبوقة، فحتى في الحروب الكبرى لم يواجه مجتمع بشري دماراً متواصلاً، على مدى ثلاث سنوات، ما يواجهه الشعب السوري، فلم تسلم أي مدينة من التدمير العنيف بكل أدوات وأسلحة الحرب، كما لم يحدث في التاريخ أن قامت حكومة بقصف مدن بلدها بالطائرات والصواريخ والبراميل المتفجرة، والأخيرة ابتكار جديد من إنتاج الحكومة السورية.

لم يحدث في التاريخ أن تحول نصف الشعب إلى لاجئين ومشردين داخل بلدهم وفي دول الجوار، فقد أصبح هناك أكثر من 150 ألف قتيل، وأضعاف هذا الرقم جرحى، وكذلك المعتقلين في السجون، وبالإضافة إلى ذلك هناك تسعة ملايين ونصف المليون لاجئ ومشرد، منهم ستة ملايين ونصف المليون شردوا داخل بلدهم سوريا، ومليونان ونصف المليون في دول الجوار، وهؤلاء كلهم يعانون عدم توفر أدنى متطلبات المعيشة ويكافحون من أجل البقاء أحياء.

معاناة الشعب السوري تعجز اللغات عن وصفها، ونشاهدها يوميا عبر شاشات التلفزيون التي ينقلها مراسلو أجهزة الإعلام الدولية ونقرؤها في تقارير الأمم المتحدة.

أكثر من نصف اللاجئين والمشردين من الأطفال فاق عددهم الخمسة ملايين، حسب آخر تقرير لمنظمات الأمم المتحدة، أكثر من نصفهم في سن التعليم، لكنهم خارج المدارس، حيث نشاهد نماذج منهم في دول الجوار يجوبون الشوارع بحثا عن لقمة العيش.

صورة مستفزة

هذه الصورة المستفزة للمشاعر الإنسانية تدعو إلى تكثيف جهود الإغاثة في هذا الميدان، حيث تبذل منظمات الأمم المتحدة جهوداً جبارة لمساعدة اللاجئين وإنقاذ الأطفال.

ومن أجل ذلك، أطلقت حملات لمساعدة الشعب السوري وحملات لإنقاذ الأطفال كي لا يكون جيلاً مفقوداً.

وقد استضافت الكويت مؤتمر المانحين الدولي الأول لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب السوري عام 2013، والمؤتمر الثاني الذي انعقد في شهر يناير الماضي.
في المؤتمر الأول تعهدت الدول والمنظمات المشاركة بتقديم مساعدات مالية بلغت ملياراً ونصف المليار دولار، وفي المؤتمر الثاني تعهد المشاركون بتقديم مليارين وأربعمائة مليون، لكن ذلك رغم المساهمات الكريمة لا يغطي المطلوب وهو ستة مليارات ونصف المليار.

مسؤولية إنسانية

إغاثة الشعب السوري اليوم هي مسؤولية إنسانية للمجتمع الدولي، وهي فوق ذلك مسؤولية عربية وإسلامية، بل وأمنية للدول العربية، وعلى الأخص الدول الغنية المصدرة للبترول.

ودول الخليج التي حباها الله بثروة طبيعية وفرت لها مداخيل وافرة نتيجة ارتفاع أسعار النفط، وواجبها ومصلحتها السياسية والأمنية تدعوها للمشاركة الفعالة في إغاثة الشعب السوري وإنقاذ أطفاله حتى لا يكون هنالك جيل ضائع.

إن فريضة الزكاة على دخول النفط لو فعّلت لوفرت أكثر من ستة مليارات سنويا، ودول الخليج تنفق أكثر من ذلك على شراء الأسلحة المتقدمة وتراكمها في مخازنها.

لقد كانت الكويت من أكبر المتبرعيين في مؤتمر المانحين الأول (300 مليون دولار) والثاني (500 مليون دولار)، بصفتها الدولة المضيفة، وفاق تبرعها ما ساهمت به الولايات المتحدة، في حين كانت مساهمات دول الخليج متواضعا في حدود 60 مليوناً لكل من السعودية وقطر.

أبعاد إقليمية

اليوم، واجب دول الخليج أن تنظر إلى مسألة إغاثة الشعب السوري باعتبارها قضية إنسانية وقضية أمنية وسياسية أيضاً، فما يحصل في سوريا ستكون له أبعاد إقليمية تطال دول المنطقة وستكون لها آثار حاسمة على مستقبلها.

نقلا عن جريدة الطليعة