سعاد فهد المعجل : احتمالات التفكك في الخليج

سعاد المعجل عضو المكتب السياسي

سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي

السؤال الأكثر تداولاً إثر تفجّر ثورات الربيع العربي، هو عن احتمال أن يمتد هذا البركان إلى منطقة الخليج العربي، وقد كتب الكثير من المحللين السياسيين حول هذا الموضوع، واستعرضوا الاحتمالات من عدمها.

تقرير صادر عن مجلة «السياسة الدولية»، تناول بالتفصيل هذه المسألة، حيث عرضها محمد عزالعرب، الباحث في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، وذلك بسرد الاحتمالات أو عدمها، والأسباب وراء كلتا الحالتين.

يرى عزالعرب أن هناك مجموعة من التفسيرات التي تعكس احتمالات التفكك في الحالة الخليجية، أهمها عدم تبلور الهوية الوطنية للدولة الخليجية، حيث تكون علاقة الفرد بقبيلته أو عشيرته أو طائفته أقوى من علاقة المواطنة، وهو برأي الباحث ما دفع بالأنظمة في الخليج إلى توظيف الأبعاد الدينية والهويات القبلية لتعزيز شرعيتها.

أما ثاني التفسيرات، فهو في فجوة الثقة بين الحكم والمعارضة السياسية، مستعيراً هنا الحالة البحرينية كمثال. كما يضيف الباحث مسألة تصاعد الخلافات الاثنية، كأحد احتمالات التفكك، حيث تشهد بعض دول الخليج تفاوتاً في درجة الانصهار الاجتماعي بين الشيعة والسُنة.

بالطبع، لا ينسى الباحث هنا التأثيرات الإقليمية الانسيابية واحتمال ترحيل ميول انفصالية في بلد ما إلى دول الجوار الجغرافي.

أما التدخلات الخارجية، فيرى الباحث أنها من العوامل الثانوية التي قد تساعد في إنجاح سيناريو التفكك، كالتدخل الإيراني، مثلاً، سواء عبر المال السياسي أو الإعلام.

ولكن في المقابل يسرد الباحث هنا عوامل قد تُفسر عدم حدوث مثل هذا التفكيك في دول الخليج، أهمها احترام الشرعية السياسية، والذي يأتي كأبرز العوامل الكابحة لحدوث التفكك داخل الخليج، نظراً لعدم تغير العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع فيها.

كما أن سياسات الدولة الريعية مكنت دول الخليج، وبدرجات متفاوتة، من تجاوز أزماتها الداخلية، فضلاً عن متانة التحالفات الشبكية، حيث تستند غالبية أنظمة الخليج إلى التحالف مع عائلات وقبائل وعشائر، فضلاً عن الدخول في شبكة من المصاهرات معها.

يستخدم الباحث هنا الكويت كمثال يعكس طبيعة العلاقة داخل مكونات المجتمع الخليجي، وإن كان هناك، وفق رؤيته، تغير نسبي بالكويت في توجهات شباب القبائل، إذ برز تحوُّل في مسار علاقة القبيلة بالسلطة السياسية من التحالف إلى التصادم ومن الموالاة إلى المعارضة، حتى ظهرت قوى سياسية جديدة هي «شباب أبناء القبائل»، الذين أصبحوا يمثلون الكتلة الصلبة من المعارضة السياسية.

يختم محمد عزالعرب بحثه القيم هذا، بالتذكير بمخرجات التحولات الإقليمية المحيطة بدول الخليج، والتي يرى أنها أفرزت قوى ثورية استطاعت إسقاط رؤوس أنظمتها الحاكمة والقضاء على خط توريث الجمهوريات فيها، لكنها لاتزال في المراحل الوسيطة بين انهيار الأنظمة السابقة، وبناء الأنظمة البديلة، وبأن سمة التعقيد الشديد التي تعيشها دول الربيع العربي في محاولة انتقالها لأنظمة بديلة، جعل المواطنين في الخليج يرتدون للانتماءات الأولية والعلاقات التضامنية ذات النطاق الضيق، أي إلى القبيلة والعشيرة والطائفة والمنطقة، مقابل تراجع الانتماء للدولة.

نقلا عن جريدة الطليعة