
حبيب السنافي
عضو المكتب السياسي
أنين المرأة وآهاتها وشقاؤها في وطننا العربي إلى متى ديمومته؟
وإلى متى تجهر المرأة بالمطالبة بحقوقها المنقوصة التي حجر الرجل عليها وغفا؟
لكن، لا أذن تسمع أو مطلب يلبى.
سنوات عجاف.. وأزمنة قاسية مرَّت على المرأة، دفعت عبرها ثمناً باهظاً من إنسانيتها وكرامتها، لم يقر الرجل السيد لها بأدنى قدر من الاحترام والتبجيل، فالكلمة الأولى والقرار الأخير له، ولو كان قراراً طائشاً، والعيب له إن استمع لشكواها أو استجاب لطلبها، فمقولة «شاوروهن وخالفوهن» تلوك الألسن بها جنباً إلى جنب مع المسواك صباحاً ومساءً.
تحاول المرأة جاهدة في مجتمعاتنا أن تخلق لنفسها البيئة المناسبة، لتطلق مواهبها وقدراتها وإمكاناتها، وأن تمارس حياتها الاجتماعية بحرية سواسية بالرجل، لكن الواقع لا يسعفها، فهي بنظر البعض العار والعورة، لا يحق لها أن تقرر لذاتها ما تستحق من مكانة سامية ومقام رفيع، فأنانية الرجل لا تبيح له أن يفرط في مكاسبه التي اختصها لنفسه قرونا طويلة، ولم يراع للمرأة مكانتها ودورها كأم وأخت وزوجة.
نعم، هي أحرزت بعض النقاط لصالحها، حينما تخلى المجتمع عن عناده وسطوته، واسترجعت بعضاً من حقوقها السياسية، لكن الصورة المزرية لا تزال طاغية على واقعها الاجتماعي المؤلم.
كيف يمكن للمرأة في مجتمعاتنا أن تنهض بعبء مسؤولياتها الاجتماعية ودورها بالأسرة وهناك من يترصد لها من الممسوسين، فالمرأة عندهم يجب ألا تخرج من شرنقتها، وهي نقيصة وسوءة بالمجتمع، فصوتها عورة عند الأجانب لا يجوز سماعه حتى وهي في صلاتها تسبح لربها! والنقاب لا يصح إلا بفتحة واحدة ضيقة ترى فيها طريقها!
هذه الفتاوى لم تأتِ من فراغ، بل هي امتداد لثقافة ذكورية ألهبت جسد المرأة بسياط التزمت والتعصب ضدها، فهي تارة أداة من أدوات الشيطان، وتارة همهن إثارة غرائز الرجال وشهواتهم، وأخرى أنهن يقطرن للرجال السُم بنظرة من عيونهن ثم يأسروهم بأفعالهن!
وليتمادى من بعد ذلك من يستعير لها لفظ «النعجة» في تفسيره – جوامع الجامع للطبرسي- بل تدخل المتفيهقون والسذج حتى في كعب المرأة، فأفتوا بعدم جواز انتعال المرأة للكعب العالي، لأنه يعرضها للسقوط، ولزاماً ألا تلقي بأيديها للتهلكة – فتوى هيئة كبار العلماء رقم 1678، أما شعرها، فغليظو الأخلاق كما يبدو معجبون به ومفتونون، فتدخلوا في تسريحته وشكل تمشيطه وطريقة فرقه وجدله وتغيير لونه، ولم يوفروا شيئاً إلا أفتوا به وأوغلوا، إجازة أو رفضاً، لتشبه شعر المسلمات بشعر الكافرات!
كيف يمكن لمجتمع يتآمر على المرأة منذ نعومة أظافرها ويسلبها أغلى ما تملك عقلها عماد شخصيتها، فيفرض عليها نمطاً جلفاً من السلوك عليها ألا تخالفه، ونهجاً في تنفيذ الأوامر بقوانين تحكمها لا تروغ عنها وإلا كانت الملائكة لها بالمرصاد، لعناً وتقريعاً، أن يطالبها بالنهوض بأبنائه، تربيةً وتهذيباً وتعليماً، وهي التي انتزعت منها إرادتها واستلبت مشيئتها بتبني أسلوب حياتها الذي اختارته بعد تأمل وتدبر.
القوانين الاجتماعية وما اعتدنا عليه تجاه المرأة هو السائد والمنفذ والمعتبر في عالمنا العربي، أما حقوقها الدستورية، فهي شكلية وغير مقننة أو مفعلة.. فبنظرة واحدة من الرجل تخرس المرأة، وبإشارة منه تغادر المحل، وأحياناً صفعة من يده الغليظة يظن أنه أعاد إليها رشدها.
هكذا هي تفاهات الرجل وشططه على المرأة، ثم يأتي بعد ذلك ويجلجل: لماذا اشتكت عليّ في المحكمة؟!
نقلا عن جريدة الطليعة