أحمد الهندال: سقوط الحجر

أحمد الهندال عضو المنبر الديمقراطي

أحمد الهندال
عضو المنبر الديمقراطي

ما جرى في الأسبوع الماضي من إجراءات شهدها مجلس الأمة من شطب للاستجوابات هو تأكيد على أن الإرادة الشعبية تم سلبها من هذا المجلس، ورغم أنها ليست الحادثة الأولى التي يتعامل معها هذا المجلس بهذه الطريقة إلا أن ما جرى يجب أن يسلط عليه الضوء أكثر لخطورته على النظام السياسي بأكمله، وليس فقط على بعض الملفات التي تحملها تلك الاستجوابات.

وبعيد عن رأينا المُسبق في هذا المجلس الفاقد للشرعية -الشعبية على الأقل- كان لزامًا أن نتطرق بشكل أو بأخر لما جرى في هذه الجلسة من انتهاك دستوري واضح شارك فيه المجلس بإرادة مسلوبة من قبل الحكومة، وجاء هذا الانتهاك من أن تقوم الحكومة في المشاركة بشكل أو بآخر في الإفلات من قيام المجلس بالرقابة عليها، و القبول بهذا الإجراء بحد ذاته هدم لحجر الزاوية في النظام البرلماني، خاصة أن الدستور الكويتي منع أن تقدم المسؤولية السياسية لرئيس الحكومة أو لأحد وزرائه دون مناقشة استجواب، ويقول الفقيه “موريس دوفرجيه” (أن المسؤولية السياسية تشكل العنصر الأساسي للنظام البرلماني، ويكفي وجودها ليكون نظاماً برلمانياً) فمنع النائب من استخدام تلك الأداة هو يشكل إنقلابًا على النظام البرلماني.
وإذا كنّا نريد أن نسرد مواضع الاختلاف مع هذا الإجراء إذا كان القصد منه تثبيته كسابقة برلمانية، فهو معضلة تمنع من التطوّر الديمقراطي للنظام البرلماني كون أن النظم البرلماني تأتي الحكومات من رحم أغلبيتها، فإذا جاءت حكومة تدعمها أغلبية معينة فهذا يعني أن بإمكان الحكومة متى شاءت وبعذر عدم الدستورية أن تفلت من المحاسبة – حتى وأن لو تم منعها من التصويت على هذا الطلب – وهذا يعني خضوع الرقابة لرأي الحكومة كونها مشكلة من أغلبية البرلمان.
ونقطة الاختلاف الأخرى والأساسية هي أن الدستور الكويتي حصر نطاق الرقابة على أعمال الحكومة بسلطتين التشريعية والقضائية، وهذا الحصر جاء مع التأكيد على منع الأعضاء الحكومة في البرلمان من التصويت على موضوع سحب الثقة أو عدم التعاون، وهذا لا يستقيم مع المنطق بأن يشتركوا في التصويت على إجراء يمكنهم من منع حدوث احدى نتائج الاستجواب وهو سحب الثقة أو عدم التعاون.
هذا الإجراء الذي قام به المجلس هو أمر يخالف بشكل أو بآخر المادة الدستورية الخاصة بمنع تنازل سلطة لأخرى عن كل أو بعض اختصاصاتها، بحيث لا يُمكن  للمجلس أن يجعل سلطة تحديد صلاحية هذه الأداة الرقابية  بيد الحكومة، وهو المناط به حصرًا تقديم المسؤولية السياسية للحكومة أو لأحد أفرادها.
ولعلّ هذه الأسباب القانونية غير السياسية هي لوحدها كفيلة في أن تهدم النظام السياسي الذي يشكّل البرلمان سلطته الشعبية الوحيدة.
نقلا عن جريدة سبر