
سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي
الكلمة التي ألقاها الشاب سعد طامي في جلسة «برلمان الشباب»، أثلجت صدر كل من تابعها، ليس لكونها أتت بجديد، وإنما لكونها تشكل إحدى قطفات الديمقراطية كمشروع مجتمع، وليس كممارسة سياسية قاصرة على من تتيح له فرصة الفوز بمقعد البرلمان.
كلمات الشاب سعد طامي عكست وعيا شبابيا بالدور الذي يؤديه كل مواطن من موقعه، وأكدت أن الشباب في النهاية هم مستودع ومؤونة المستقبل، وأن استثمارهم بالشكل الحقيقي والمثمر سينتج عنه مستقبل ومشروع دولة ثابت وصلب.
الدولة، بمؤسساتها، أخفقت وبشكل ملحوظ في استثمار طاقات الشباب، وأول مؤشرات الإخفاق هذه جاءت في محاولات فاشلة، كهيئة دعم المشاريع الصغيرة، وهيئة الشباب.. وغيرهما، وذلك حين تبنت هذه المؤسسات (الشبابية) روتين الدولة ونهجها، فتحوَّلت إلى مكاتب رسمية تتحكم فيها الواسطة والمحسوبية، واعتبارات أخرى مشابهة، وذلك بشهادة أغلب الفئات الشبابية التي تعاملت معها.
المشروع الشبابي، وفقاً لرؤية الدولة، انطلق -وبكل أسف- من رحم النهج الحكومي الراهن، والذي تختنق دروبه ومسالكه بآفة الفساد والرشوة وغياب أخلاق العمل بشكل رهيب ومخيف، ما ضاعف من يأس الشباب، وخلف تذمراً واسعاً وقنوطاً تسبب في عزلة أكثر للشباب، ويأساً واضحاً في ملامحهم تجاه محاولات الحكومة الفاشلة لإيوائهم، اجتماعياً وفكرياً وثقافياً.
الديمقراطية ليست مشروعاً بيد الحكومة، ولا هي بصفقة بين التكتلات السياسية، لكنها نهج وأسلوب حياة قادران على أن يتسللا إلى الوعي والقلب، بدليل كلمات سعد طامي، هذا الشاب الصغير الذي اقتحم قبة البرلمان، وأفحم وزير التربية بكلماته الصادقة، هو إذاً نتاج مباشر للممارسة الديمقراطية، وليس بالضرورة للتطبيق الذي يحتمل الخطأ والصواب أو الفشل والنجاح.
طبيعة عملي تفرض عليَّ التعامل اليومي مع الشباب، وكثيراً ما أجد نفسي أغوص في مقارنة بين وعي الشباب في الكويت ووعي الشباب في دول مجاورة، وخاصة ما يتعلق بالحقوق والواجبات والمسؤولية، وغيرها من قيم ترسخها عادة الممارسة الديمقراطية، حتى وإن كانت متعثرة، كحالنا هنا في الكويت.
تعثر مجلس الأمة في أدائه، وتضخم مؤسسة الفساد بهذا الشكل المخيف، وتدهور الأداء الحكومي، وتراجع التنمية.. كلها أمور ثانوية أمام سقوط القيم لدى الشباب، فهذه هي المعضلة الحقيقية التي نخشاها جميعاً، لكن ما يبعث الأمل فينا، شباب يرفعون عنا هذا الهاجس، مثل سعد طامي وغيره الكثير الكثير، ما يجعل المستقبل أقلّ قتامة وسوداوية.
نقلا عن جريدة الطليعة