
حبيب السنافي
عضو المكتب السياسي
تعد الجمعيات التعاونية صمام أمان لتوفير السلع الغذائية والاستهلاكية للمواطنين والوافدين على أرض الكويت، وهي متوافرة في جميع المناطق، على شكل أسواق مركزية وأفرع، ويبلغ تعدادها 57 جمعية تعاونية، وعدد المساهمين فيها 264 ألف مواطن.. هذه الجمعيات التعاونية الأهلية يبدو أن حالها أضحى كحال بقية مؤسسات الدولة المتردية، فقد أصابها عطب الفساد وعفونته، وبدأ ينهش في جسدها ويدمر إداراتها، بعد أن انتقلت العدوى إليها.
ما يؤلم المواطنين ويدعوهم للحسرة على حال جمعياتهم، أن معاول الفساد بدأت تقطع مصدر أرزاق مئات الألوف من المواطنين الذين يستفيدون مادياً من فوائد أرباح الجمعيات وخدماتها المتنوعة، فعديمو الضمير وفاقدو الإيمان صعقت أطماعهم مئات الملايين من مشتريات الجمعيات، فاستغلوا ضعف الرقابة الحكومية على الجمعيات، والمتمثلة بوزارة الشؤون، لنهب ما أمكن من أموالنا بطرق ملتوية مكشوفة للجهات الرقابية المتقاعسة، ويمكن القول «المتواطئة» من قِبل البعض في مراقبة ومتابعة والتصدي للمخالفات المالية والإدارية الجسيمة.
المصيبة أن هذه الجمعيات التعاونية التي أنشأها الأهالي، بأموالهم، كتضامن منهم لبعضهم البعض، لم تخلُ من الشللية والمحسوبية والتمصلح على حساب المواطن البسيط، ففي بعض هذه الإدارات منذ اليوم الأول لتسلمهم المسؤولية، يبدأ تقسيم الغنائم وتسلم أصناف الرشى المتنوعة، ومن الاستفراد بالبضائع المجانية إلى عرض بضائع رديئة على حساب الماركات المعروفة، والتزوير بحسابات المعونة الاجتماعية وبند الإنشاءات، هروباً من رقابة وزارة الشؤون.
ما يحز في نفوسنا، أن وزارة الشؤون قامت بحل مجالس إدارات إحدى عشرة جمعية تعاونية، وعينت بدلاً عنها مجالس جديدة، لكن مع ذلك مارس بعضها نفس أدوار الاحتيال والنصب التي مارستها الإدارات المنحلة، وكأن الملايين المنهوبة يومياً من المؤسسات الحكومية لم تملأ بطون الفاسدين ناراً، فمالوا نهباً على أموال البسطاء الذين يمنون أنفسهم ببعض الأرباح، يستفيدون منها على قضاء حوائجهم، وتسديد التزاماتهم المالية.
وحسناً ما قامت به جريدة «القبس» الغراء بتحقيقها، عندما كشفت الغطاء عن مواطن الفساد في إدارات بعض الجمعيات، فخسائر بعضها، بسبب الاختلاسات، تجاوز الأربعة ملايين من الدنانير، وهذا مؤشر فاضح على مدى ما آلت إليه الإدارات من انحراف واعوجاج عن متطلبات وأسس العمل التعاوني الأهلي الذي يمثل قمة التضامن والتعاضد لتوفير الحاجات والسلع الضرورية بأسعار تنافسية، ترفع عن كاهل المواطنين جشع التجار وتكالبهم على راتبه الذي بالكاد يسعفه للأيام الأخيرة من الشهر.
سوء الإدارة والرقابة عندما يتفشى في وزارة الشؤون الاجتماعية بالأخص، فالعدوى حتماً ستنتقل للقطاع التعاوني، وتؤثر في أدائه ومستوى خدماته، لكن أموالنا المستثمرة بالجمعيات التعاونية علينا أن نصونها ونحجبها عن العبث فيها، باختيار من يديرها من ملاك الكفاءة والنزاهة، وغير ذلك سيصبح إعلان الجمعية «لا توزيع أرباح لهذه السنة».
نقلا عن جريدة الطليعة