
الأمين العام المساعد
يعرف الاقتصاد الكويتي بقطاعيه العام الخاص بأنه ريعي يعتمد على النفط في تمويله، فالدورة المالية تبدأ ببيع الدولة النفط ثم إنفاقه على هيئة مصروفات جارية وذلك لدفع رواتب القطاع العام وتقديم الدعومات، وللقطاع الخاص على شكل مناقصات وأجور دعم العمالة ومع ما نعيشه اليوم من تداعيات جائحة كورونا، صرح محافظ البنك المركزي بعدة قرارات وهي ترجمة لتوصيات مجلس الوزراء حول ما أطلق عليها (الحزمة الاقتصادية)، التي بلا شك جاءت قرارات هذه الحزمة لصالح البنوك والشركات بمختلف أنواعها.
فنرى على سبيل المثال أنها -الحزمة الاقتصادية- أتاحت القرارات للبنوك تقديم تسهيلات لتمويل الشركات (على هيئة قروض) وذلك عن طريق تقليل المتطلبات الرقابية وهي (السيولة المالية للشركات، الملاءة المالية، نسبة المخاطر)، وهذا بشأنه سيفتح شهية البنوك للإقراض وكذلك الشركات للاقتراض، يعزى لهذا القرار أنه سيخلق انتعاشة اقتصادية، لكن هذا ليس بالضرورة خصوصا على المشاريع الصغيرة التي تعتمد على النمط الاستهلاكي للأفراد ذات الطبيعة المتغيرة، ناهيكم عن كون هناك مشاريع متعثرة أصلاً فبالتالي إقراضها بإطار هذه التسهيلات ممكن أن يخلق لنا بعد عدة سنوات مطالبات باسقاط هذه القروض على اعتبار أنهم ضحايا بحاجة لانتشال من بحر تراكم المديونية، كما تجدر الإشارة إلى أن إغلاق بعض المشاريع التي لم تصمد ستكون تكلفتها على الدولة أقل من إقراضها خاصة وأنها غير منتجة ولا تعود بالنفع على خزينة الدولة بشيء.
ومن ضمن ما جاء في الحزمة، بند زيادة الإقراض لشراء السكن الخاص، الأمر الذي سيصب إيجابيًا لصالح البنوك و كبار الملاك والمضاربين العقاريين، لكنه سيكون ذا ارتداد سلبي على المواطن حيث سترتفع أسعار العقارات وربما ستزيد فجوة المشكلة الإسكانية التي هي اليوم تعتبر واحدة من أكبر المشاكل والهموم التي يعاني منها المواطن، فبالتالي ستعقد المشهد أكثر مما هو عليه، وكأننا لم نتعلم من الزيادات السابقة التي طرأت على القرض الإسكاني وبدل الإيجار.
ثم نأتي بعدها لبند تمويلات لدفع الدولة لإيجارات الشركات ورواتب العمال لفترة محددة ، فمن الممكن تفهم هذا القرار في حال كونه مقتصراً على المشاريع المرتبطة بالصندوق الوطني للمشاريع الصغيرة ، شريطة التحقق من جدية هذه الشركات خصوصاً بعد ظهور حالات عديدة لعدة شركات منها مرتبطة بتجارة الإقامات لكنها مرفوض تماما لبقية أشكال الشركات.
إن القطاع الخاص بشكل عام بدولة الكويت غير منتج، فهو قطاع يعتاش على مناقصات الدولة، فلا توجد صادرات تجلب رؤوس أموال يمكن استثمارها في البلد وتشغيلها بل هو قطاع يصدر الأموال للخارج دون دفع ضرائب تذكر
لذلك، فإن ضُخت ٨ مليار دينار، وهي القيمة التي رصدت لهذه الحزمة الإقتصادية لإنقاذ الشركات التجارية، فإن هذه الشركات لن تعود على الميزانية العامة للدولة بشئ يذكر ، فالأجدى في ظل انخفاض أسعار النفط استخدام هذه الأموال لإيجاد استثمارات أخرى غير النفطية وضخها لتطوير المرافق الصحية والتعليمية وتطوير البنى التحتية.
في مقابل هذا كله، أحالت قبل أيام الحكومة إلى مجلس الأمة قانون للدين العام، دون تقديم مبررات كافية فقط تم الإشارة على أنها ستنفق على
مشاريع رأسمالية لايعرف حجم مردودها المالي، وإن كانت ستصرف على تغطية عجز استهلاكي فسندخل بدوامة الديون وممكن ان نصل للعجز المالي عن دفع هذه الديون، تؤكد لنا هذه الخطوة أن الحكومة عجزت منذ عقود مضت رغم الوفرة المالية بإيجاد مصادر دخل تساعد في دعم الخزانة العامة للدولة، لذلك فالتسرع بإصدار القرارات خصوصاً وأننا لم نتجاوز الشهرين على هذه الأزمة، يبين حجم تأثير هذه القرارات المكلف جداً على المال العام، فماذا لو طالت الأزمة لا قدر الله، هل ستقدم الحزم الإقتصادية الواحدة تلو الأخرى لتنفيع الشركات التجارية والتجار وتبدد في كل واحدة منها الأموال؟وتجدر الإشارة في هذه الحزمة المرفوضة، أنها لم تتطرق الى المواطنين العاملين بالقطاع العام الذين مازالوا يسطرون بطولاتهم في الصفوف الأمامية لمحاربة هذه الجائحة.