سعاد فهد المعجل : معارضة بالاستقالة

سعاد المعجل عضو المكتب السياسي

سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي

الاستقالة من العمل السياسي لا تعني سلبية على الإطلاق، وإنما هي نوع من أنواع المعارضة والاحتجاج.. والأعضاء الذين استقالوا من مجلس الأمة أخيراً مارسوا هذا النوع من المعارضة، والتي هي حق للجميع.

لقد عرفت الكويت، عبر تاريخها، معارضة مشابهة، سواء من داخل المجلس، إثر مباشرة العمل بالنظام البرلماني مع إقرار الدستور، أو من خارج المجلس، مثلما فعل تجار اللؤلؤ إبان حكم الشيخ مبارك، حين اعترضوا على سياسته، فهاجروا من الكويت، قبل أن تتم مصالحتهم وإعادتهم إلى بلدهم من جديد.

المعارضة السياسية إذاً لها أشكالها المختلفة، والمعارض السياسي، وفقاً لتعريفات القواميس السياسية، هو الشخص المنتمي لحزب سياسي أو تيار ويعارض أسلوب سياسة أخرى وينتقد طريقة استخدامها للسلطة، وينتهي دوره كمعارض عندما يمتلك حزبه زمام السلطة، ليدعى حينها بالموالي أو السلطوي، ويكتفي المعارض السياسي بتوجيه المقالات والاعتراضات للأحزاب الأخرى، حيث تمثل هذه المرحلة مرحلة متقدمة من النضج الديمقراطي.

نحن، وبكل أسف، لانزال نفتقد الوعي المطلوب لتحديث مسار الديمقراطية.. لذلك، فإننا سرعان ما نبدأ بشخصنة المواقف السياسية، وإطلاق الصفات والمسميات على أصحابها، فيصبح الذين نتفق مع نهجهم أبطالاً حين يستقيلون من العمل السياسي، فيما نطلق الصفات على الآخرين، بكونهم سلبيين وانتهازيين ووصوليين.. وإلى آخر منظومة «الردح»، ولا أقول الصراع السياسي في الكويت.
استقالة النواب الأفاضل إذاً هي معارضة بأسلوب مختلف وموقف اتخذه هؤلاء نابع من قناعاتهم، وهو حق، بصرف النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معهم أو مع مواقفهم، ولا يعني ذلك بالضرورة أن يكونوا أبطالاً، بل هم أفراد مارسوا حقهم الدستوري في المعارضة والتعبير.

الشيء الوحيد الذي أجمع عليه الجميع أن البلد أصبح بؤرة للفساد وساحة مفتوحة للمفسدين، وأن كل محاولات التمويه على هكذا واقع، سواء من خلال حملة المشاريع المستحقة أصلاً أو بواسطة التصريحات والتطمينات التي تسعى لنفي هذا الواقع، أقول كلها، لم تنجح في تغيير قناعة الناس بخطورة نفوذ وتمدد مؤسسة الفساد في الكويت، وبشكل غير مسبوق.

المعارضة السياسية، سواء تلك التي نتفق معها، أو تلك التي نختلف بشأن طروحاتها وتوجهها، تعد جزءاً رئيساً ومهماً في أي نظام سياسي، باستثناء بالطبع الأنظمة الشمولية والسلطوية، وبما أننا في الكويت لسنا نظاماً شمولياً ولا سلطوياً، أو على الأقل هكذا ما ينص عليه دستورنا ونهجنا العام، فإن المعارضة تبقى جزءاً مهماً من عملية التغيير، ويبقى تصنيف هذا التغيير إيجابياً كان أم سلبياً بيد المواطن أو الأمة مصدر السلطات جميعاً.

نقلا عن جريدة الطليعة