
حبيب السنافي
عضو المكتب السياسي
يتندر البعض من طغيان مظاهر السرقة «المجانية» بالكويت، بوجود مسابقة غير معلنة لنهب ثرواتها بأسرع وقت ممكن، التي تشمل أموال الكويت وأصولها في الداخل والخارج.
فمع إشراقة كل صباح تتكشف لنا حلقة جديدة من هذا المسلسل، وآخرها ما كشفت عنه وثائق وزارة الخارجية البريطانية التي أفرج عنها، أخيراً، للعام 1981-1982، فبمراجعتها تتضح الإدارة السيئة للحكومة الكويتية بالتعاطي مع أزمة المناخ في تلك الفترة، حيث كان أقصى ما تفكر به الحكومة إنقاذ المؤسسات المالية – من بنوك مملوكة لعوائل تجارية عريقة – من التصدع والإفلاس، وكأن الاقتصاد الكويتي «اقتصاد اقطاعي».. أما بقية أفراد الشعب الذين وقعوا ضحية ألاعيب النصب والتدليس التي مورست بكثافة في تعاملات البورصة، فلم تعبأ بهم الحكومة، وعرضتهم للمطالبات المالية الضخمة، نتيجة الشيكات المؤجلة التي راج التعامل بها آنذاك، وباتوا ما بين الالتزام بتسديد المبالغ المطلوبة، أو الحجز على ممتلكاتهم الخاصة، والتحذير من إلقائهم خلف القضبان.
سوء التخطيط والإدارة نهج للحكومات منذ الثمانينات، ومازال، حيث كانت الحكومات خلالها تتقاعس وتتخاذل في أداء مهامها ومسؤولياتها، وتتعاطى مع الأزمات المستفحلة كالأصم الأبكم الذي يرى فقط، وكأن الأمر لا يعنيها في منع نشوب الأزمات أو التصدي لها وتجاوزها بأقل الخسائر، ومنعاً للمقامرين والمحتالين من ممارسة ألاعيبهم على أصحاب الدخول المحدودة، من دون حماية منها لمدخراتهم بإقرار القوانين المنظمة لعمليات التداول بالبورصة، ما يعد إهمالاً منها وتقصيراً متعمداً في حماية مصالح المواطنين وحقوقهم.
مسلسل الاستحواذ على المال العام والخاص، تجاوز حدود الميزانية العامة للدولة، ليمتد للعبث بمدخراتنا في الخارج، فالوثائق البريطانية كشفت عن منهج الاستيلاء المنظم على بعض أصولنا ومدخراتنا بالخارج من قبل مكتب الاستثمار في لندن، والذي كان في عهدة أحد أبناء الأسرة- من بداية الثمانينات حتى الغزو الغاشم- حيث تلاعب بحسابات الدولة المالية، لدرجة استغلال أموالنا في سوق البورصة البريطاني بطرق غير مشروعة، ما استدعى تدخل وزارة المالية البريطانية، والتهديد بمحاسبته، لولا تحصنه بوظيفته الدبلوماسية، ثم قيامه بتحويل أنشطته لإسبانيا، والتي آلت بعد ذلك لفضيحة مليارية أخرى دفعت الكويت فاتورتها من أرصدة الأجيال القادمة.
حديث الدواوين بالكويت محوره الفساد والانقضاض على ما يمكن نهبه من ثروات، بداية من بعض صغار الموظفين في الدولة، صعوداً إلى بعض الوزراء وأعضاء البرلمان، من دون وجل من محاسبة أو ردع توقعه الدولة على الجناة.
المواطن المغلوب على أمره، لم يعد يترقب أن يسمع أو يعاين أي إنجاز حكومي منظور، لكنه لن يتملكه الذهول إن كشفت له تقارير الوثائق البريطانية للسنوات المقبلة حجم الأموال المنهوبة تحت رعاية الحكومة النائمة في سبات عميق.
نقلا عن جريدة الطليعة