سعاد فهد المعجل : جمعيات خيرية عسكرية

العناوين التي تصدَّرت عدة صحف كويتية في الأسبوع الماضي، والتي تناولت تفاصيل حول تقارير أميركية سرية تؤكد تورُّط جماعات وجمعيات خيرية في تمويل منظمات إرهابية مرتبطة بـ«القاعدة» في سوريا، هي عناوين مخيفة. فالتفاصيل تتحدَّث عن تحويل ملايين الدولارات بشكل غير قانوني إلى حسابات خاصة في دول الخليج وتركيا وقبرص ولندن، وعن مؤسسات محتكرة من قِبل الإخوان المسلمين ومتهمة بتكوين شبكة معتمدة وأسماء متعددة، لتجنب رقابة البنك المركزي.

إذا كانت هذه المعلومات صحيحة، وذلك هو الأقرب، لأن التفاصيل ذكرت أموراً في غاية الدقة، أقول إذا كانت كذلك، فنحن أمام مشكلتين خطيرتين؛ الأولى، سهولة اختراق وتجاوز نظامنا المصرفي وبنوكنا.. والثانية، أننا كدولة أصبحنا طرفاً في صراع وحرب عجز العالم وكبرى الدول عن الاتفاق حولها.

مسار الثورة في سوريا تحوَّل بشكل محزن ومؤسف، فالثورة التي بدأت سلمية في مقاومة ديكتاتور اغتصب حق شعبه وحريته، تم استدراجها من قِبل المنتفعين ومرتزقة السياسة والسلاح، وما أكثرهم، لتتحوَّل إلى حرب أهلية مدمرة نعلم متى وكيف بدأت، ولا ندري متى وإلى أين ستنتهي.

الكل انغمس في عنف يقول التاريخ إنه لا يقود إلى حل بقدر ما يؤدي إلى المزيد من العنف، عنف أصبح الجميع فيه مقاتلا، لكن لا أحد يدري بالتحديد لماذا. فالمحارب الصغير الذي يستخدم السلاح لا يعرف، وقد لا يهمه أن يعرف مصدر السلاح، لكن سماسرة الثورة يعرفون من أين يأتي السلاح ولماذا يأتي، وهم يدركون قبل غيرهم أن إسقاط نظام الأسد – إن كان لايزال هدفهم – لا يعني تدمير سوريا بأكملها، ولا يشترط تهجير وقتل أهلها بهذا الشكل الرهيب والمخيف.

إذاً، في إطار وضع كهذا، يكون السؤال حول هدف الجمعيات الخيرية من الانغماس في الشأن السوري سؤالاً منطقياً، وخاصة بعد أن أصبحت الحرب حرب فصائل إسلام سياسي، كل يحمل أجندته الخاصة، وكل له غاياته الغامضة، وكل له مصادره السرية للتسلح.

إذا كانت الجمعيات الخيرية حقاً خيرية وفقا لمسماها، فإن الأولى بها أن توجه مساعداتها إلى ملايين الضعفاء السوريين المحاصرين في مخيمات تفتقد لأبسط شروط المعيشة الكريمة.. هذا هو مجال عمل الخير الحقيقي، أما سواه، فإنه عمل سياسي بحت، وزج الكويت في ثورة صراع انفجر إلى خارج الرحم السوري، وأثمر صراعات إقليمية شرسة لا نملك القدرة، لا سياسيا ولا عسكريا، على أن نكون جزءاً منها.

كان الله في عون سوريا والسوريين وأنقذهم من كلا العنفين، عنف بشار، وعنف الإسلام السياسي.

نقلا عن جريدة الطليعة