سعاد فهد المعجل : «بوكو حرام».. نموذج لإقصاء المرأة!

سعاد المعجل عضو المكتب السياسي

سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي

كتب الزميل خليل حيدر مقالاً في صحيفة «الوطن»، حول وضع المرأة في «الربيع العربي»، وهو مقال يستحق القراءة والحفظ، لأنه تناول – بالتفصيل- أحداثاً وقصصاً ووقائع لانتهاكات سافرة بحق المرأة على يد قوى الإسلام السياسي، وعلى رأسها الإخوان بالطبع.

يذكر فيه على سبيل المثال كيف عمل نواب التيار الإسلامي في مجلس الشعب المصري على انتزاع الحقوق التي حصلت عليها المرأة، وأولها الاتجاه لإلغاء قانون الخلع، وإلغاء القانون الذي يعاقب الطبيب الذي يجري عملية الختان للبنات، بل قام عدد من السلفيين برفع قضية على وزير الصحة، من أجل إلغاء القانون الذي يجرّم عملية الختان للبنات.

كما أورد خليل حيدر آراء عدة لفتيات من دول عربية وإسلامية يحكين معاناتهن مع مثل هذه الانتهاكات الإنسانية، حيث قالت فتاة كانت تدرس في جامعة دمشق إنها تخاف مما سيفعله الإسلاميون الذين يريدون أن تغطي المرأة حياتها وليس جسدها فقط.

أما ناشطة تونسية، فقد عبَّرت عن المخاوف نفسها، حين قالت إنها قلقة بسبب الحكومة التي يقودها الإسلاميون والذين يلعبون دور شرطة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

كما عبَّرت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان عن تخوفها بأن النساء يواجهن مخاطر متنامية، من أن تتم مصادرة ثورة كنَّ جزءاً منها، حيث يتم تخويف المعلمات في تونس، لأنهن لا يرتدين الحجاب، بل وتتم ملاحقة السيدات في الأحياء الشعبية، في محاولة لإجبارهن على ارتداء الحجاب والنقاب، وقد راجت أخبار عن رجال ينتمون إلى التيار الأصولي يقومون بترهيب النساء والفتيات المتوجهات للعمل، حيث يأمرونهن بالانقطاع عن العمل وملازمة منازلهن.

كثيرة كانت التفاصيل التي أوردها الكاتب خليل حيدر في مقاله هذا، وهي تطرح السؤال التقليدي حول مكانة وحقوق المرأة في الإسلام، وعمَّا إذا كان الخلل في التطبيق فعلاً، أم أن تجاوز هؤلاء الأصوليين للحق النسوي في الإسلام واستغلال بعض الثغرات لتنفيذ مشروعهم الأصولي الداعي إلى وأد المرأة.

للأسف، ومن دون الدخول في تفاصيل جدلية دور وحق المرأة كما ورد في الإسلام، فإن التطبيق على أرض الواقع لا يُبشر بخير على الإطلاق، فأول ما تبناه عادة الإسلاميون، سواء كانوا في المعارضة أم في الحكم، هو مشروع إخضاع النساء لقوانين ترمي إلى تطبيق الشريعة فيهن وبغض النظر عما وهبته الشريعة نفسها للمرأة من حقوق، فلا توجد حتى الآن جماعة إسلامية كرَّمت المرأة، إلا في حال الاستفادة منها في معارك انتخابية، كما حدث في الكويت، حين حصلت المرأة على حقها السياسي، وبدأ بذلك غزل تيارات الإسلام السياسي لها، فكانوا أكثر وأول المستفيدين منها.

جماعة «بوكو حرام» لا تختلف عن «طالبان»، التي منعت المرأة من التعليم والعمل، والإخوان لا يختلفون عن السلف، الذين يرون في المرأة متعة في الدنيا وجائزة في الآخرة.. لذلك، فإن نضال المرأة اليوم ضد الذين يحاولون إقصاء دورها في ربيع العرب، هو نضال مستحق، وسيُثمر حتماً واقعاً يفرضه عصر جديد، ووعي متغيّر، وفكر تنويري سيُسقط أباطرة الظلام والتخلف.

نقلا عن جريدة الطليعة