حبيب السنافي : التطوير في التعليم قادم

حبيب السنافي عضو المكتب السياسي

حبيب السنافي
عضو المكتب السياسي

تترسخ معضلة الكويت المزمنة في مفهوم الإدارة بالذات، وهذا المفهوم يختلف عندنا عن بلاد خلق الله بشكل جلي، فالإدارة هناك فن وموهبة وكفاءة لمن يتصدَّى لها، وخبرة تتكرَّس بالدراسة والتدريب المتواصل.. أما الإدارة عندنا، فهي منصب محجوز للمقربين من السلطة تحت مسمى ولدنا أو من جماعتنا أو حتى من فداويتنا.

وزارة التربية الوزارة الرئيسة المأمول منها رفد المجتمع بجيل من الشباب قادر على انتشال البلد من المستنقع الآسن، الشباب المتسلح بعقول علمية تستخدم آخر ما توصل إليه من وسائل إلكترونية وتقنية، بكفاءة واقتدار، أضحت كمعظم وزاراتنا، تفتقر لمن يسعفها وينتشلها من الفوضى والتخبط وسوء الإدارة، بسبب إدارتها العليا التي لم تعد قادرة على النهوض بخطط التطوير والتحديث والتدريب التي تعوزها كافة إداراتها وعلى كافة المستويات، بدءاً من وكلاء الوزارة المتربعين على كراسيهم، مروراً بمديري عموم المناطق والموجهين ومراقبي الشؤون التعليمية ومراقبي المراحل الثلاث، فالعطب يكاد يصيب الجميع، إلا ما رحم ربي، فالمذكورون أعلاه انصب جلّ عملهم على الإدارة وليس القيادة، والبون بين الاثنين شاسع.

فزمام القيادة في وزارة حساسة مثل وزارة التربية يجب أن يتولاها قادة لديهم الشجاعة والجرأة على التغيير للأفضل وتحمل نتائجه، منطلقين على أسس ومعايير وبحوث وتجارب لقياس نتائج التطوير المنشود، لإحداث نقلة نوعية في التعليم، تزود القائمين عليه، على اختلاف مهامهم الإدارية أو الفنية أو التعليمية، بالثقافة والخبرة والمعرفة، من خلال دورات تدريبية مستمرة تؤهلهم للمضي قدماً في تنفيذ مشروع «تطوير الإدارة المدرسية والتنمية المهنية»، الذي كاد يقر بهيكلته التنظيمية الجديدة على كافة مدارس الدولة، والذي قد يتعرَّض لمقصلة الإيقاف وفرض هيكلة جديدة لا يرتجى منها أي إصلاح أو تطوير.

مشروع تطوير الإدارات المدرسية حيوي وفاعل لدرجة قصوى، انطلق بجهود مضنية استمرت زهاء أربع سنوات بغير انقطاع، وبتكلفة تجاوزت الـ400 ألف دينار، تحت إشراف إدارة التطوير والتنمية بوزارة التربية، برئاسة مديرتها النشطة أ.عبلة العيسى، وفريقها الكفؤ، المطعَّم بمستشارين من البنك الدولي، الذين شخصوا كافة نواحي الخلل والقصور والنقص بكل ما يعترض تنمية الموارد البشرية والتعليمية والتكنولوجية من النهوض بخطة الوزارة تكاملاً ومرادفة مع خطة التنمية الشاملة لوزارات الدولة ومؤسساتها.

أ.عبلة العيسى وطاقم فريقها سعوا جاهدين لتمهيد الجادة للإصلاح، مستعينين بدراسة شاملة لمؤسسة عالمية يرأسها توني بلير، والتي أوصت بحث الخطى لإصلاح المناهج الدراسية وبناء وتطوير البنى التحتية الخاصة بالتعليم، كما استعان الفريق بنتائج استبيان رسمي من وزارة التربية، شارك فيه 58 ألفا، ما بين طالب وولي أمر وإداري ومعلم، لكن طامتنا في مسؤولينا، كما ذكرت بالبداية، حينما أضمر مجلس الوكلاء بـ«التربية» عدم إعلان نتائج الاستبيان، ستراً للمعايب والثغرات التي فضحها هذا الاستبيان.

هذا التصرُّف اللامسؤول الذي انتهجه مجلس الوكلاء يؤكد الحاجة الملحة لموجة التغيير، والتي حتماً ستكتسح الفكر الجامد والإدارة المشلولة القابضة على «الهرم القيادي» بالوزارة، ويسفر عن الإخفاق لأداء معظم مديري العموم بالمناطق التعليمية، وقصورهم في مواكبة عملية التطوير والتغيير، لافتقادهم للمهارات القيادية وروح العمل الجماعي، وحرصهم على مركزية اتخاذ القرار على النقيض مما تتطلبه خطط التنمية والتطوير.

وثيقة المدرسة الجديدة بهيكلها الجديد تعد خطة بناء مستقبل للمجتمع الكويتي، ومن حق القائمين على المشروع أن يتلقوا الدعم من قِبل أرفع المسؤولين بالدولة، وأن يحظوا برعاية اللجنة التعليمية بمجلس الأمة، والمساندة من قِبل جموع المعلمين الممثلة بجمعية المعلمين، وإجهاض هذا المشروع إجهاض لعملية الإصلاح الشامل التي يأملها الكل.

نقلا عن جريدة الطليعة