في ندوة «المنبر» حول قانون «هيئة الاتصالات.. خطوة جديدة للوراء».. ممثلو القوى السياسية: رفض تام.. والتصدي للقوانين غير الدستورية مستمر

المتحدثون في ندوة المنبر الديمقراطي

المتحدثون في ندوة المنبر الديمقراطي

أكد المشاركون في ندوة المنبر الديمقراطي التي حملت عنوان «قانون هيئة الاتصالات.. خطوة جديدة إلى الوراء»، أن قانون هيئة الاتصالات افتقد للضمانات الأساسية التي كان كفلها دستور 1962.
وزاد المشاركون، وهم: علي العوضي ممثل المنبر الديمقراطي، ومحمد نهار عن التيار التقدمي الكويتي، وبشار الصايغ عن التحالف الوطني الديمقراطي، وشيماء العسيري ممثلة عن الحركة الديمقراطية المدنية (حدم)، إضافة إلى المحامي حسين العبدالله، أن القوى السياسية مجتمعة ترفض القانون ونهج الحكومة في تقييد الحريات، وعليها أن تمارس دورا حقيقيا للتصدي لذلك النهج، لكي لا يفاجأ المواطن بإقرار قوانين أمنية أخرى.

شيماء العسيري

شيماء العسيري

بدأت الندوة بكلمة شيماء العسيري ممثلة «حدم»، التي أكدت فيها أن إقرار القانون في هذا الوقت الذي أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي وأدوات الاتصال بمختلف أنواعها ركنا أساسيا لدى المواطن، وهو السبب في انتفاضة القوى السياسية الديمقراطية تجاه ما يمس الحريات العامة والخاصة.

وتحدثت العسيري عن القانون بشقه السياسي، وأرجعت ما يحدث حاليا من إصدار قوانين سيئة السمعة إلى الآلة السياسية بشكل عام ومرسوم الصوت الواحد الذي أتي بمجلس يكرّس الطائفية والقبلية، والإتيان بأشخاص في البرلمان لم يعكسوا الصورة الحقيقية للشارع الكويتي، وذلك على الرغم من تحصين المحكمة الدستورية لمرسوم الصوت الواحد.

وزادت: كل هذا أدَّى إلى أن المجلس الحالي قيَّد صلاحية الرقابة الشعبية، عن طريق شطب الاستجواب، بمباركة 39 عضوا، من دون مناقشته، ما أدَّى إلى استقالة خمسة نواب.

وأضافت العسيري: كنا متوقعين أن تأتي ثمار المجلس على هذا النحو، معددة أمثلة بالاتفاقية الأمنية التي لم تلغَ بعد، ومن بعدها قانون هيئة الاتصالات، الذي قالت عنه إنه سحب سلطات كبيرة من السلطة القضائية إلى السلطة التنفيذية، التي أصبحت تتمتع بسلطات أكبر، وهذا طال كل كويتي.
وعن الشق القانون، عدَّدت بعض المواد التي تتعارض مع الحريات ومواد الدستور، ومواد أخرى تتعلق بحماية المال العام، عن طريق الأخطاء التي وردت في تشكيل مجلس إدارة هيئة الاتصالات، وأكدت أن المواطن مهدد من سلطات خارجية، بفرض الحجب أو قطع الاتصال، من دون الرجوع إلى النيابة أو المحكمة.

واختتمت شيماء العسيري كلمتها بقولها: نحترم كافة اجتهادات القوى السياسية، لكن لا يمكن أن نعول على البرلمان الحالي بالإصلاح، والحل يكمن في تعديلات دستورية وقوانين إصلاح تؤدي إلى نظام ديمقراطي بحكومة منتخبة تمثل إرادة الشعب.

مسؤولية سياسية

محمد نهار

محمد نهار

من جانبه، أكد ممثل التيار التقدمي الكويتي محمد نهار، أن الحكومات الرجعية تمارس الخطأ نفسه، وتظن أن إرادة الناس وحريتها شيء ملموس يمكن تقييده أو تعديله بقوانين.

وأضاف أن قانون هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات ليس أول أو آخر قانون معيب يمر في المجلس الحالي، ولا يمكن فصل إقرار قانون هيئة الاتصالات عن نهج الحكومة وفكرها، مشيرا إلى أن القانون يهدف إلى خلق دولة بوليسية.
وقال: الدستور الكويتي كفل حريات التعبير والتراسل والتجمع وحق التقاضي.. ودور الحكومة يتلخص في تنظيم هذه المكتسبات الدستورية، إلا أنه عمليا الحكومة تفرغت نحو التضييق على الحريات، بإقرار قوانين تقيد تلك المكتسبات.

ونوه أنه قبل عام رُفض قانون الإعلام الموحد من كافة القوى السياسية، واليوم تأتي الحكومة وتحاول إضفاء صبغة شرعية على قانون الاتصالات، باعتبار أنه خرج من رحم المجلس التشريعي.

وعن المسؤولية في إقرار القانون، قال ممثل التيار التقدمي محمد نهار إنها تقع على القوى السياسية الموجودة في البرلمان، كونها مطلعة على التفاصيل، وما يدور في لجان المجلس، بجانب القوى السياسية المقاطعة، وتتمثل مسؤولياتها في أنها لم تتابع القوانين التي تناقش في المجلس، ولم تتصدَ لها قبل إقرارها، مختتما حديثه، برفض وصاية الحكومة على المواطنين في التعبير عن إرادتهم وممارسة حياتهم بحرية وفقا لمواد الدستور.

مفهوم الحريات

بشار الصايغ

بشار الصايغ

ممثل التحالف الوطني الديمقراطي بشار الصايغ، أشاد بدور المنبر الديمقراطي الكويتي في التصدي للقوانين التي تتعارض مع مبدأ الحريات، مستذكرا موقفه أثناء أزمة مشروع الحكومة حول قانون الإعلام الموحد.

وأضاف: لدينا مشكلة في فهم معنى الحريات، وقد يختلف ذلك الفهم من فرد لآخر، وأن الأمر برمته لا يتعلق بمجلس الأمة، إن كان شرعيا، أم لا، ولكنه يتعلق بمن يعمل داخله.

وضرب الصايغ مثالا توضيحيا لما يقصده، بقوله إن المجلس المبطل الأول الذي يُوصف بأنه آخر مجلس شرعي انتهك حرية المواطنين بمحاولته أسلمة القوانين عن طريق تعديل المادة 79 من الدستور، مضيفا: هذا دليل على أن مفهوم الحرية غير مرتبط بشكل المجلس، ولكن بفهم الأعضاء لمفهوم الحرية.
وأشار إلى أن المجلس المبطل الأول قام بإجراء تعديلات على قانون المرئي والمسموع التي سمحت بإغلاق الصحف أسبوعين، من دون اعتراض أحد، قائلا إن التعديلات تعكس مفهوم الأشخاص للحريات.

وأضاف: إن قانون الاتصالات به مثالب دستورية، لكن هذا لا يجعلنا نبكي ونصمت ولا نتحرك في اتجاه إصلاحها، معتبرا ذلك يجعلنا أمام خيارين؛ أولهما التمسك بمقاطعتنا للمجلس ونجني بعدها الشوك عند تنفيذ القانون، أو أن نعمل على تعديل المواد التي تمس الحريات.

وقال إن هناك الكثير من القوانين التي أقرت تتعارض مع مفهوم الحريات، وأدعو إلى التوقف عن التمسك بهاجس شرعية المجلس نحو المبادرة بالتوعية، ومن لديه ملاحظات على هذا القانون أو أي قوانين أخرى، فلنعدلها معا.
واختتم بشار الصايغ كلمته بقوله إن الكويت لا تحتمل المزيد من التشنج، وإذا كانت هناك نية صادقة لمواجهة القوانين غير الدستورية، فلنبادر إلى الطعن بعدم دستوريتها.

التصدي بحزم وقوة

من جانبه، أكد ممثل المنبر الديمقراطي الكويتي علي العوضي، أن المنبر يرفض أي محاولة لوأد الحريات، بفرض قوانين سيئة السمعة تتعارض مع مبادئ الحريات ومكتسباتنا الدستورية، مشيراً إلى أنه بقراءة متأنية للقانون، ولاسيما على صعيد ما يمس بشكل مباشر الحريات، نجد أن هناك تجاوزا واضحا لعدد من مواد الدستور، وخاصة المادة 39، التي تضمن حرية المراسلات البريدية والهاتفية وغيرها.

علي العوضي

علي العوضي

واعتبر العوضي أن القانون يهدف إلى تنظيم قطاع الاتصال، وله جوانب متعددة، منها الشق القانوني والفني التقني، ومنها ما يتعلق بالمستخدمين، موضحا أن مواد القانون خرجت عن المسلك الصحيح، كونه شبيه تماما بالقانون المصري لإنشاء الجهاز القومي للاتصالات والمعروف بقانون 2003/10، والذي أعطى للأجهزة الأمنية صلاحيات واسعة.

وتوقف العوضي أمام دورة القانون في مجلس الأمة، قائلا: بتاريخ 2013/9/12 أحيل المقترح إلى اللجنة التشريعية، وهو اقتراح بقانون قدمه خمسة نواب، هم: د.على العمير، د.عبدالرحمن الجيران، محمد الجبري، أسامة الطاحوس وحمود الحمدان.
وأضاف: بتاريخ 9 فبراير 2014 عقدت اللجنة التشريعية اجتماعها، وتداولت الآراء حول المقترح، وأشارت في تقريرها إلى أن المقترح خالٍ من المثالب الدستورية.. وبناءً على ذلك وافقت عليه اللجنة بالإجماع، وأحال رئيس المجلس تقرير اللجنة التشريعية بالمقترح إلى اللجنة المختصة.

وزاد: إن لجنة المرافق خلال 12 يوما عقدت 4 اجتماعات، ورفعت تقريرها الأاول في 24 فبراير، الذي صوَّت عليه المجلس في المداولة الأولى في 5 مارس، ليعود القانون مرة أخرى إلى اللجنة، لإعداد تقرير قبل المداولة الثانية، وقد اجتمعت اللجنة ثلاثة اجتماعات في أسبوع واحد، ورفعت تقريرها النهائي في 24 مارس، ليصوت عليه المجلس بإجماع 45 عضوا بالموافقة في الاول من أبريل.
وأشار ممثل المنبر الديمقراطي إلى أن الحكومة تحمل جملة من القوانين ستدخلها إلى المجلس عبر بعض النواب الموالين لها، لتغليب القبضة الأمنية، معتبرا أن هذا القانون يتوافق مع الاتفاقية الأمنية، وعلينا أن نتصدى له من خارج المجلس بكل قوة.

وطالب العوضي بدور للمحامين الوطنيين في الفترة المقبلة تجاه القوانين غير المتوافقة مع الدستور بشكل عام، معتبرا أن قانون هيئة الاتصالات يأتي ضمن الصراع السياسي الموجود في الكويت.
واختتم علي العوضي حديثه بالقول: نحن أمام معركة كبيرة، توسعت أطرافها وأقطابها، ونواجه معركة فساد كبرى، من أجل مستقبل بلد، وعلينا أن نمارس دورنا الحقيقي – كقوى سياسية – للتصدي لتلك الأمور، لكي لا نفاجأ بقانون أسوأ من قانون الاتصالات.

المحامي حسين العبدالله: يفتقد للضمانات.. وجهود نيابية لتعديله

حسين العبدالله

حسين العبدالله

أكد المحامي حسين العبدالله، أن قانون الاتصالات أضيفت إليه بعض المواد التي تخالف الدستور، مشيراً إلى دور القوى السياسية عندما تصدَّت للمشروع الحكومي لقانون الإعلام الموحد الذي تضمَّن قيوداً كبيرة ومخالفات دستورية، وبناءً على ذلك تراجعت الحكومة، بسبب تحرك القوى السياسية وجمعية الصحافيين ورؤساء التحرير وعدد من قوى المجتمع المدني.
وأضاف: القانون الحالي لا يختلف كثيرا عن قانون الإعلام الموحد، كونه يمس حرياتنا ومكتسباتنا الدستورية، وينتهك بمواده حرية المراسلات ويمس ملكيتنا لوسائل الاتصال، سواء أكانت مدونة أم موقع أم أداة من أدوات التواصل الاجتماعي.

واعتبر العبدالله أن القانون أوجد رقيبا على المواطن، بعيدا عن القضاء، ما أتاح حجب الاتصال وقطعه وإخضاع الرقابة، من دون تمكين المواطن من التظلم، قائلا إن هذه المقدمات تدفعنا للذهاب إلى أن قانون هيئة الاتصالات في ما يتعلق بالحريات لا يختلف كثيرا عن قانون الإعلام الموحد.

وأوضح العبدالله أن هناك جهودا من قِبل بعض المصلحين داخل مجلس الأمة، للقضاء على مثالب القانون، بتقديم تعديلات عليه تقدم بها النائب راكان النصف، متمنيا إقرارها ومعالجة المواد غير الدستورية فيه، فما يهمنا حقوق الأفراد وليس السلطة الأمنية.

وأشار إلى أن الحريات أصبحت تمثل ضغطا، في ظل الظروف الإقليمية التي نعيشها، فالاتفاقية الأمنية غطاء كبير، وإذا أقرّت سيكون هناك تحالف قوي ضد الحريات، كونها تسمح بتبادل المعلومات، قائلا: قانون 2001/9 المتعلق بإساءة استخدام الهاتف لا يسمح بإخضاع صاحبه للرقابة، من دون إذن قضائي، وفقا لشروط وإجراءات معينة.

وأضاف: بعد إقرار القانون الحالي، أصبح يجوز لأي دولة إخضاع الرقابة على الاتصالات، وسيكون هناك تبادل الاتصالات والمعلومات، بعيدا عن الضمانات الدستورية، منوها أن القانون بعد إقراره أفقد الرقابة القضائية على هيئة الاتصالات، من خلال تخويلها وفقا لنصوص القانون حجب المواقع أو أي برامج الكترونية، وإلزام الشركات بحجبها، من دون إذن نيابي أو حُكم قضائي، وهو ما يتنافى تماما مع حق صاحب المدونة أن تكون الإجراءات المتعلقة بالإيقاف والحجب بناءً على قضية، ووفقا لحُكم محكمة، ولمدة معينة ومؤقتة.

وأكمل العبدالله: القانون أفقدنا ضمانة أخرى، تتمثل في «حق الدفاع»، وأصبح الأمر عبارة عن أوامر للشركات، تكون ملزمة من خلاله بالحجب والمنع بناءً على رغبات سياسية أو شخصية، مؤكداً أن المسالة الأخطر تتعلق بقطع الاتصال، بناءً على دواعٍ أمنية قد تكون خارجية أو داخلية.

واختتم المحامي حسين العبدالله حديثه بتأكيده أن القانون سمح لموظفي الهيئة «أصحاب الضبطية القضائية» بدخول الأماكن الخاصة والعامة، ومصادرة ما يرونه من أجهزة اتصالات، فضلا عن أن القانون يفتقد للكثير من الضوابط.

 

نقلا عن جريدة الطليعة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*