سامي المنيس على دربك سائرون … بقلم عبدالهادي السنافي

تزخر صفحات التاريخ بالمناضلين الذين كانوا سبباً بتحول وتقدم بلدانهم، والكويت جزء من هذا التاريخ الذي سطره المناضلين عبر مواقفهم المعبرة عن الشعب والمتسقة مع مبادئهم الداعية لحكم ديمقراطي.. ووطن آمن، وكان هذا شعار المرحوم سامي المنيس رحمه الله لحملته الانتخابية الأخيرة عام 1999.

المنيس، بدأ حياته البرلمانية مبكراً بعمر الواحد والثلاثين، حين خاض الانتخابات البرلمانية تحت شعار نواب الشعب هو ومجموعة من زملائه على رأسهم د أحمد الخطيب، فالمرحوم ارتبط اسمه بمصالح الشعب منذ بداياته، خاض غمار السياسة مدافعاً عنهم وعن حقوقهم ومصالحهم، منافساً شرساً في مواجهة مكشوفة ومنافسة عميقة ضد السلطة التي وقفت وأعوانها في المجلس، وكأنه يقول لنا بأن الشعب له نوابه كما للحكومة نوابها.

من أبرز محطات نضاله كانت أمام نفوذ الشركات الأجنبية وامتيازاتها رافعاً شعار مناصرة العمال أينما وجدوا، وبسبب قربه من فئة العمال فقد تنبه مبكراً إلى ضرورة تكوين مدرسة مهنية مخصصة لتدريب المهنيين الذي يحتاجهم البلد وقطاعاته التي تنمو باضطراد نحو التنمية، وجهوده تلك التي أدت إلى دعم ميزانية الشؤون في مارس 1965 لتدريب الكويتيين العاطلين عن العمل آنذاك.

لم يتخل سامي المنيس يوماً عن القضايا العربية فقد كان مؤثراً بدفع الحكومة لإعادة النظر بالعلاقات الكويتية البريطانية إثر العدوان البريطاني على اليمن، كما كانت القضية الفلسطينية حاضرة دائماً بوجدانه وفي كتاباته بصحيفة الطليعة ومواقفه بمجلس الأمة.

في عام 1965 قامت الحكومة بحشد 31 نائب لمصلحتها وأقرت قوانين مقيدة للحريات كان أبرزها فرض قانون التجمعات وآخر يكبل حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة، وأيضاً تعديل قانون الوظائف العامة حيث أصبح مصير الموظف بيد الحكومة، فأعلن سامي المنيس ورفاقه رفضهم لهذه القوانين، وعلى أثرها تقدم المنيس ورفاقه كل من د. أحمد الخطيب وعبد الرزاق الخالد وعلي العمر وراشد التوحيد بإسقالة جماعية من المجلس، وردت الحكومة على الإسقالة بالإعلان عن انتخابات تكميلية في بداية عام 1966 طالب النواب المستقيلين بمقاطعتها.

في مجلس 1971 نجح المرحوم سامي المنيس مع رفاقه د. أحمد الخطيب وعبدالله النيباري وأحمد النفيسي، الذين خاضوا الانتخابات بقائمة واحدة وقد طرحوا برنامجاً تحت مسمى (برنامج العمل الوطني الديمقراطي) وكان أبرز أهدافه:

  • إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات.
  • إلغاء القوانين غير الديمقراطية وعلى الأخص تلك القوانين بالصحافة والأندية.
  • عدم تعطيل الصحف.
  • إنشاء معامل تكرير للاستفادة من النفط.
    والعديد من القضايا المتعلقة بالتعليم والمستوى المعيشي ومكافحة الاتجاهات الفكرية الاستعمارية والسياسية الخارجية.

وقدم سامي المنيس استجواباً في عام 1974 مشاركاً زميله عبدالله النيباري وعلي الغانم وكان الوزير المستجوب خالد العدساني، وكان من 3 محاور:

  • لم يقم الوزير بواجباته تجاه غلاء الأسعار.
  • تعاون وزارة التجارة في تطبيق قانون الشركات مما أدى إلى التلاعب بسوق الأسهم والذي استفاد منه نفر قليل على حساب المصلحة العامة.
  • إعطاء الرخص التجارية بطريقة فيها تمايز بين المواطنين ومحاباة ما يعتبر مخالفاً للدستور.

أما الاستجواب الآخر بمسيرته النيابية كان في مجلس 1996، وكان موجهاً لوزير المالية آنذاك ناصر الروضان، وكانت محاوره حول عدم تطبيق قانون الأرض الفضاء وعن خسارة مالية جسيمة في الخطوط الجوية الكويتية وتجاوزات مالية في المجموعة الاستثمارية الكويتية بالمغرب ومكتب الاستثمارات بلندن وغيرها من القضايا المتعلقة بالمال العام.

وكان سامي رحمه الله ملتزم بجميع الاستجوابات بالقضايا الذي تضمنها محاور الاستجواب بعيداً عن الشخصانية، وتميزت الاستجوابات بالطرح القائم على الحجة والرقي بنفس الوقت بعيداً عن الخصومة السياسية، إيماناً منه بالموضوعية واستجلاء الحقائق أمام الشعب.

بعد تحرير الكويت مباشرة، شارك المرحوم المنيس ورفاقه د. أحمد الخطيب وعبدالله النيباري وجاسم القطامي وبعض القوى اليسارية في إنشاء المنبر الديمقراطي الكويتي عام 1991 إيماناً منه بأهمية العمل الجماعي، وكان ديوانه بالعديلية عامراً دائماً وأحد أنشط مراكز المنبر الديمقراطي والقوى الوطنية الديمقراطية، والجدير بالذكر أن هذا الديوان استضاف دواوين الاثنين والتي وثقها بالتصوير في ذلك الوقت عضو المنبر الديمقراطي الكويتي مشاري الرشيد، واستمر ديوان المرحوم بمنطقة العديلية بجهود رفاق المرحوم على رأسهم العم حمد القصار حتى وقتنا هذا باستمرار الأنشطة بالديوان إلى أن تم إغلاقه لأسباب لا نود التطرق إليها.

كان سامي المنيس دائماً ما يؤكد أن الأحداث في الكويت دائماً ما تثبت أنه لا خيار لنا للعيش إلا بظل الديمقراطية كأساس للحكم، ووجود مجلس يمارس صلاحياته في التشريع والرقابة وفقاً للدستور.

كما كانت من أواخر المداخلات له في مجلس الأمة والتي كانت بتاريخ 24-7-1999 تدعو إلى التنبيه من المادة (71) وقد حذر من التمادي باستخدامها، التي تخص إصدار مراسيم ضرورة في غياب المجلس، وكأنه كان يتنبأ بالمستقبل حيث حذر من استخدام هذه المادة لتنفيذ أجندات من شأنها أن تنحاز للحكومة، وهذا ما حدث بإقرار قانون الصوت الواحد.

كل ذلك يؤكد على المصداقية العالية التي تمتع بها سامي المنيس والنابعة من إيمانه بالدستور والعمل على الدفاع المضني والمستمر عن حقوق المواطنين ومكتسباتهم.

رحم الله سامي المنيس.

بقلم: عبدالهادي السنافي
الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي
23 أغسطس 2020