علي حسين العوضي : هل بدأنا العد التنازلي؟

علي حسين العوضي رئيس المكتب الاعلامي

علي حسين العوضي
رئيس المكتب الاعلامي

في فترة نهاية الخمسينات وانطلاقة الستينات من القرن الماضي، عاش المجتمع الكويتي في وضعية خاصة، تتمثل في أن هذه الفترة أو المرحلة تم فيها وضع اللبنة اﻷساسية لبناء دولة حديثة عصرية قائمة على أسس محددة، يحكمها دستور وطني ينظم العلاقات بين مختلف فئات المجتمع، وهذا الدستور أيضا نظم شكل الدولة المدنية وسلطاتها وحقوق أفرادها وواجباتهم.

ولهذا خرج دستور 1962 وفق معطيات اﻷوضاع في تلك المرحلة، وضمن توازنات محددة، وشكل انطلاقة مثالية لدولة قائمة على مؤسسات حقيقية كانت محط أنظار الجميع، سواء على المحيط اﻹقليمي أو العربي أو حتى الدولي.

وبفضل السياسات التي كانت متبعة حينها والرقابة البرلمانية في السنوات اﻷولى للدولة الناشئة والمستقلة، حدث تطور شامل لكافة المجالات والمرافق التي تمس بصورة مباشرة حياة المواطن ومعيشته وأمنه، وبات هناك استقرار كبير ساهم في تغيير نمط البلاد.

هذه الفترة الذهبية لم تستغل بالطريقة اﻷمثل، ولم يتم الحفاظ عليها، فسرعان ما تراجعت الكويت في مسيرتها، ولعل أول تراجع شهدته كان في عام 1965، عندما صدرت جملة من القوانين، التي كان الهدف منها التضييق على الحريات العامة، والتي تلاها استقالة نواب الحركة الوطنية من مجلس اﻷمة اﻷول.

لن نتوقف أمام مراحل التراجع التي باتت معروفة أحداثها وتفاصيلها، ولكن ما يهمنا اليوم أن هناك تراجعا أكبر وأشد خطورة بدأ يمس مباشرة المتطلبات اﻷساسية المعيشية للمواطن، وهو ما أفضى إلى غضب شعبي واحتقان سياسي لم تستطع محاولات الحكومة إيقافه أو حتى الحد من ارتفاع وتيرة حدته.

فالحكومة لم تلجأ للحلول الواقعية والجذرية للمشكلات، بل انتهجت طريقا آخر، محصلته النهائية تفاقم اﻷزمات وتشابك حلولها، ما جعلها تدخل في نفق مظلم لا تُعرف ملامح نهايته.

وعلى الرغم من الوفرة المالية الكبيرة للبلاد، فإننا نعاني مشكلات في أبسط الخدمات التي تقدمها الدولة، فالتعليم الذي يعد اﻷساس في بناء الفرد، يشهد أسوأ مراحله، والقطاع الصحي يعيش في وضعية متهالكة، وفقدنا أيضا ريادتنا الثقافية والرياضية.

أضف إلى ذلك أخطر قضية من الممكن أن يواجهها أي مجتمع، ونقصد هنا تحديدا تفكك مكوناته وبروز الاستقطاب القبلي والطائفي، ودخول بعض المكونات في لعبة صراع اﻷقطاب، وهو ما أدَّى إلى فقدان الثقة بمؤسسات الدولة، فيلجأ كل فرد نحو طرف وقطب ليحتمي بظله.

ويبقى التساؤل المهم: ما الحل؟ ولعل هذا السؤال يفتح لنا رؤية جديدة من الممكن أن ننطلق منها مجددا، وهو ما سيكون محور مقالاتنا وحديثنا – إن شاء الله- في القادم من اﻷيام.

نقلا عن جريدة الطليعة