تأتي هذه الجريمة ضمن سلسلة جرائم أخرى تشهدها البلاد راح ضحيتها عدد من النساء دون أن نشهد أي تحرك فعال من جانب مؤسسات وأجهزة الدولة المعنية لوقف مثل هذه الجرائم. يشكل هذا التراخي ما يطلق عليه وفقا للقانون الدولي لحقوق الإنسان بـ(العنف القائم على النوع الاجتماعي الذي تقره الدولة State-Sanctioned Gender-Based Violence). فوفقا للإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة الذي اعتمد من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرارها 48/104 المؤرخ في 20 ديسمبر 1993:
“يفهم بالعنف ضد المرأة انه يشمل على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، ما يلي:
ج- العنف البدني والجنسي والنفسي الذي ترتكبه الدولة أو تتغاضى عنه، أينما وقع”.
ووفقا للوثيقة الدولية السابقة، تعتبر سلسلة جرائم القتل هذه، بالإضافة إلى حوادث عنف أخرى طالت ولاتزال تطال النساء والفتيات في الكويت، عنفا ضد المرأة، أو عنفا قائما على النوع الاجتماعي (الجندر)، لكونها تستهدف النساء بناء على جنسهن أو نوعهن الاجتماعي، ولدوافع مختلفة كلها مرتبطة بصورة المرأة النمطية ودورها الاجتماعي تحت النظام الأبوي المتغلغل ثقافيا في مجتمعنا (كما في كل المجتمعات). وقد عرفت المادة الأولى من الإعلان سابق الذكر العنف ضد المرأة بـ:
“يعني تعبير “العنف ضد المرأة” أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي ممن الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”.
الراحلة (فرح أكبر) لم تكن الأولى، فقد سبقتها ضحايا كثر ممن قتلن، منهن (شيخة العجمي، فاطمة العجمي، هاجر العاصي، غالية الظفيري، رفعة المطيري، نجود العجمي) والكثيرات، كويتيات وغير كويتيات، ممن علمنا بقصصهن ومن لم نعلم بهن، ممن قتلن ومن هن الآن تحت التهديد. كما أن (فرح) لن تكون الأخيرة ما لم تتحرك الدولة بمؤسساتها وأجهزتها المعنية لوضع الحلول المناسبة للتعامل مع هذه الحوادث والحد منها مستقبلا، والتي منها: 1- كفالة كافة التدابير الاحترازية (كآليات التبليغ، التعامل مع الشكاوى، ودور الإيواء)، 2- وضع التشريعات اللازمة للتصدي والحد من هذه الجرائم، 3- وإلغاء كافة التشريعات السابقة التي تعزز وتحرض على ارتكاب هذه الجرائم سواء بشكل مباشر أو غير مباشر (كالمواد 29، 153، 182، و198 من قانون الجزاء).
تابعت الكويت بأسرها جريمة التعرض والخطف والقتل التي راحت ضحيتها (فرح حمزة أكبر)، وثقت بعضا من أحداثها شقيقتها ومحاميتها (دانة أكبر). في يوم الثلاثاء، 20 أبريل، اعترض المتهم (فهد صبحي محيي الدين) بمركبته مركبة أخرى كانت تستقلها الراحلة وشقيقتها مع طفلتيهما أمام أعين المارة، ثم خطف المجني عليها والطفلتين بالمركبة التي كن فيها. حدث ذلك بينما كانت شقيقة المجني عليها تستنجد وتوثق الأحداث عبر هاتفها قبل أن يتوارى المتهم عن الأنظار ليتجه بعد ذلك بفترة لمستشفى العدان ويترك جثة الراحلة أمام مدخل المستشفى وهي مضرجة في دمائها إثر تلقيها لطعنات في منطقة الصدر.
وعليه، يطالب المنبر الديمقراطي الكويتي الحكومة القيام بمسؤولياتها وفقا لدستور الدولة والقانون الدولي لحقوق الإنسان والتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي بكافة أنواعه وصوره. كما يطالب أعضاء المؤسسة التشريعية القيام بدورهم المنوط بهم، والعمل على سن التشريعات اللازمة للتصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي على كافة المستويات عبر تشكيل لجنة خاصة للتعامل مع هذه القضية بالغة الحساسية. وعليه، يعلن مكتب حقوق الإنسان في المنبر الديمقراطي الكويتي أنه قد قام بتشكيل مجموعة مكونة من خبيرات متخصصات في القضايا الجندرية والنسوية من خلفات أكاديمية وحقوقية مختلفة للعمل مع النواب على وضع التشريعات اللازمة التي تراعي كافة الجوانب الجندرية وتتبع منهجية جندرية – تقاطعية فور تشكيل اللجنة البرلمانية المعنية بالتعامل مع هذه القضية.