حبيب السنافي : تكفير

حبيب السنافي عضو المكتب السياسي

حبيب السنافي
عضو المكتب السياسي

الاختلاف والخلاف في ما بين البشر واقع ومحصلة للتباين في منطق العقل والقدرة على الفهم واستخدام الآليات العقلية لحل أسباب نشوء النزاع والخصام بين الأفراد أو القوى المتخاصمة في المجتمع، ويمكن التقارب بين الآراء والأفكار بعد التمحيص والنقاش والحوار.

وتأتي جريمة «التكفير الدينية»، لتقطع حبال الوصل، وترخي التجاذب والتواصل بين القوى المجتمعية، بسبب ركونها إلى النص التكفيري، ولتستغرق في عدائها وبغضها للطرف الآخر وثقافته الإيمانية، حتى يكون مرامها إفناء ودمار الآخر، طلباً للثواب والأجر الإلهي!

الإشكالية التاريخية المزمنة تمثلها شخصيات تاريخية تكفيرية على مدى تاريخنا الملوث بالتزوير والتأويل السطحي تطالب بالتصدي والوعيد والانتفام لكل من خالفها بأبشع صنوف التعدي والهلاك.

علتها أنها لا ترضى إلا باستسلام الآخر لمعتقداتها ومبادئها ومفاهيمها، وأن الطرف الآخر عليه الإقرار منذ البداية أنه على ضلالة من معتقداته ومسلماته، لأنهم – التكفيريين – أصحاب الحقيقة المطلقة غير القابلة للشك أو الطرح العلمي! ويبيح الفكر التكفيري لنفسه إنزال العقوبة بالمخالف، حتى لو كان من أهل لا إله إلا الله..

إن قصر المعضلة على التكفير النظري، أمر يهون، لكن البلاء امتد لاستباحة دماء وأموال وأعراض وحقوق الآخرين، ومن كل الطوائف والملل، حتى المسلم منها كما ألمحنا، والفتاوى التكفيرية بدرت من مشايخ ورجال دين ومفتين مشكوك في دقة فهمهم وتشربهم من معاني ومقاصد الشريعةً، عوضاً عن عدم أحقيتهم بالإفتاء والتصدي لمصالح العامة، وتفوح من فتاواهم ذروة القسوة والهمجية… أترى كيف يفتك «داعش» بالإيزيديين، لم يرحم صغيرهم ولا كبيرهم، واستباحوا نساءهم سبايا وكل ما يملكون غنائم، فالنص الديني عند التكفيريين يحسب الأطفال والنساء ضمن الأعداء.. هذا إذا افترضنا أن رجال الإيزيديين من المقاتلين لـ«داعش»، وهم ليسوا كذلك.

وتتسع هوة التكفير، ليقول الإمعة من رجال الدين إنهم معتدلون ومتسامحون.. على مَن يا رجال؟

نقلا عن جريدة الطليعة