حبيب السنافي : أين التنمية؟

حبيب السنافي عضو المكتب السياسي

حبيب السنافي
عضو المكتب السياسي

يتساءلون عن علة فشل خطة التنمية بالكويت، التي أُقرت بقانون منذ أربع سنوات، وأنفق من خلالها 11 مليار 857 مليون دينار، وليت النجاح في تحقيق مستوى أفضل أدرك بعض القطاعات أو أحدها، لكن الشعور بالمرارة طغى، بسبب عدم إنجاز أي إصلاح في أي من قطاعات التنمية البشرية، سواء في ما يتعلق بالجانب التعليمي أو الصحي أو الإسكاني أو رفع نسبة تعداد المواطنين.. بكل بساطة عجز وقصور، وإخفاق بكافة النواحي والأنشطة، فما الأسباب؟

الأسباب والعوائق كثيرة وعديدة، أهمها بيئة الفساد الطاغية على مفاصل المجتمع، فالفساد أضحى ممارسة يومية وبصور وأشكال متنوعة، فمادامت الأموال النفطية متوافرة وتغطي جوانب القصور والإخفاق في أداء وزارات ومؤسسات الحكومة، فإن ذلك يعني أن الغالبية تترقب عطايا السلطة الحاتمية، فما الذي يدفع المواطن إذن ليرهق بدنه وقدح زنار فكره ولا أحد يسأل عن إنجازاته ومواهبه، وكما تقول الحكمة «لماذا أخاطر للصيد بعرض البحر، والسمك ملقى على الشاطئ؟».

فلماذا يحرص صغار الموظفين على التواجد بمكاتبهم مبكرين، وفي نهاية السنة يتساوون بمكافأة الأعمال الممتازة مع أقرانهم المتنعمين بالمرضيات والندب والتفرغ للمصالح الخاصة لمسؤوليهم؟!

كيف يمكن أن ينهض مجتمعنا وهو يقرأ على صفحات الجرائد أن جرائم الاعتداء على الأموال العامة للعام المنصرم، 2013، احتلت المرتبة الأولى، وبفارق كبير عن جرائم المخدرات والخمور؟!

المواطنون، للأسف، كانوا العدد الأكبر ممن قام بارتكاب جرائم الاعتداء على المال العام، حيث بلغ عددهم 574 متهما.. هذه الإحصائية تدق ناقوس الخطر، وخصوصا إذا ما دققنا في معطياتها التي تشير إلى أن 82 في المائة من جرائم الاعتداء على الأموال العامة مآلها الحفظ!

هذا الأمر يدل على حرص قوى الفساد ورعاته لإخفاء آثار جرائمهم والإفلات من القصاص وحكم القانون، مستغلين انشغال السلطة التنفيذية عن أداء واجباتها ومسؤولياتها بملاحقاتها لأصحاب الرأي والفكر والفن، وتحويل المخلصين والمبدعين والمغردين إلى النيابة العامة، عوضا عن تكريمهم وإجلالهم بما يقدمونه من رفعة لشأن ومقام الكويت.

وجهة النظر لديَّ، أنه كلما زادت قضايا الحجر على التعبير وإبداء الرأي، وإغلاق القنوات والصحف، وتحويل الفنانين والنشطاء للنيابة العامة بتهم ملفقة، أدركنا أن المجتمع يمر بموجة من التغيير والتفاعل والرفض للواقع المزري، والعكس صحيح، وهذا ما لا نبغيه، كحال معظم البلاد العربية التي تخنق فيها إرادة المجتمع، وتسلب حريته، وتهدر كرامة مواطنيه، ويغدو همّ مواطنيهم البحث عن سكة الأمان، رعبا من جبروت السلطة، والقوانين الجائرة المفروضة عليهم لحماية السلطة من المساءلة لأطول فترة ممكنة.

نقلا عن جريدة الطليعة