عبد الله النيباري : ماذا وراء صفقة الغاز بين الأردن وإسرائيل؟

عبدالله النيباري نائب سابق

عبدالله النيباري
نائب سابق

في 9/4/ 2014، أعلن عن توقيع إتفاق مبدئي (مذكرة تفاهم) بين الأردن وإسرائيل لصفقة شراء غاز بقيمة 15 مليار دولار لكمية 1600 مليار قدم مكعب من غاز حقل لفيانثان الإسرائيلي لمدة 15 سنة، أي حوالي مليار قدم مكعباً سنويا، وجرى توقيع القعد بين شركة نوبل الأميركية التي تدير الحقل وشريكها شركة ديليك الإسرائيلية، فيما مثل الجانب الأردني شركة كهرباء الأردن.

وقد وصف ميت مور رئيس مؤسسة ايكونوميك إنيرجي للاستشارات الاستراتيجية هذا الاتفاق بأنه اختراقاً ذا أبعاد إستراتيجية، كونه يأتي في أعقاب حرب إسرائيل على غزة، وفي ظروف معاناة المنطقة من مذابح تنظيم داعش، وإنه بذلك يؤشر إلى نشوء تحالف بين إسرائيل والدول العربية المعتدلة (الأردن ومصر والسعودية).

وقد ذكرت الصحف الإسرائيلية أن هذا الإتفاق يحظى بدعم وزارة الخارجية الأميركية، وقد لعب أموس هوشتاين مستشار وزير الخارجية جون كيري لشؤون الطاقة دوراً مهما في إتمام هذه الصفقة حيث حضر إحتفال توقيعها في الأردن.

صفقة غريبة

والأمر المثير هو لجوء الاردن لشراء الغاز من إسرائيل فيما المنطقة العربية تعوم على بحار من احتياطيات النفط والغاز، فهي تملك 730 مليار برميل من النفط بما يعادل 55 في المائة من الاحتياطات العالمي، وتنتج 21 مليار برميل بما يعادل 25 في المائة من انتاج العالم، ويبلغ احتياطياتها من الغاز ما يفوق 40 تريليون متر مكعب.

وإن هذه الصفقة تأتي في ظروف تصعيد إسرائيل لحروبها وتعنتها.

فلم تكد تفرغ من حربها الإجرامية ضد غزة التي أدانتها الأمم المتحدة بإعتبارها جرائم ضد الانسانية، حتى وجهت لطمة للدول العربية بإعلانها الاستيلاء على ما يزيد عن 6000 م2 من الأراضي الفلسطينية حول القدس الشرقية.

إسرائيل لم تعبأ بقرارات مؤتمرات القمة العربية التي نصت على مبادلة السلام بتطبيق إسرائيل لقرار الأمم المتحدة بالانسحاب إلى خطوط عام 1967، بل تمادت في بناء المستوطنات في الضفة الغربية والجولان وتوسعت في اختراقها للوضع العربي ونجحت بتحقيق مكاسب تستهدف العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية.

سؤال حارق

السؤال الذي يصفعنا، ألم يكن بالإمكان توفير احتياجات الأردن من المحروقات لتوليد الكهرباء من الدول العربية الغنية باحتياطات الطاقة من نفط وغاز؟

الدول العربية تصدر الغاز المسال لأنحاء العالم، والمؤشرات الاقتصادية تدل على أنه بالامكان تصديره بكميات للأردن بالأسعار التي يباع بها للدول الأخرى، فلماذا تهاونا لنسمح لإسرائيل بتحقيق اختراق استراتيجي للواقع العربي المرير والممزق؟

ألا يعتبر هذا الواقع الممزق هو البيئة الحاضنة لنشوء قوى الارهاب مثل «داعش» وأخواتها وتمددها حتى باتت خطرا على كافة الأنظمة العربية، ما دفعها للاستنجاد بالقوى العالمية التي عاشت طوال القرن الماضي تحارب للتخلص من نفوذها ونيل إستقلالها السياسي والاقتصادي؟

ولعل أبرز أوجه هذا الكفاح هو انتزاع السيطرة على النفط من احتكار وهيمنة الشركات العالمية المدعومة بحماية دولها.

الدول العربية النفطية تنتج من النفط ما يزيد عن متطلبات احتياجاتها المالية ما أدى إلى تراكم الفوائض المالية المودعة والمستثمرة في الأسواق العالمية، وهو نوع من الإقراض لتلك الدول وأسواقها، أليس من المخجل أن تعجز عن توفير النزر اليسير لاحتياجات بعض الدول العربية مثل الأردن، ليس مجانا ولكن بمقابل؟

نقلا عن جريدة الطليعة

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*