سعاد فهد المعجل : فقه البداوة

سعاد المعجل عضو المكتب السياسي

سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي

«داعش» وقبلها «القاعدة»، وحزب الله وجبهة النصرة، وبوكو حرام، والحوثيون، وجماعات التكفير والهجرة والقائمة تطول.. كلها حركات استطاعت أن تخترق وتستوطن الوعي العربي، المحاصر أصلاً بالجهل والخرافة والخوف والفقر.

مشكلة المواطن العربي في كل مكان، أنه لايزال أسير فقه القبيلة وفكر النقل والتقليد، وبشكل مكّن «داعش» وغيرها من الاستحواذ على عقول هذه المجاميع الهائلة من الشباب العربي، وطرح نفسها كبديل للفقه والتقليد الديني الحقيقي.

لقد مرَّت عصور طويلة على المواطن العربي والمسلم وهو يجتر فيها فكر الآخرين، من دون أدنى محاولة منه لإمعان العقل والتفكّر بشكل مغاير لما يمليه عليه وعاظ السلطة والإسلام السياسي بشكل عام، فأصبح التفكّر والتمعّن بدعة تؤدي إلى ضلالة نهى عنها الدين، حتى صادر وعاظ السلطة وغيرهم صفة الإبداع والتفكر لدى غالبية أبناء المجتمع الإسلامي والعربي.

من إنجازات القرآن الكريم، أنه حض المسلم على إعمال العقل والتفكّر، وليس مجرَّد التقليد والاتباع من دون أدنى قدر من الجهد.. فالقرآن لم يستعمل «العقل» بصيغة الاسم الجامد، وإنما استخدم مشتقاته، فقد وردت في كتاب الله كلمة تَعقِلُون حوالي 23 مرة، فيما جاءت كلمة يعقِلُون قرابة الـ 22 مرة، وكلها مؤشرات على ضرورة إمعان العقل البشري في النظر والتدبّر، وتلك إشارة من القرآن إلى أن للعقل وظيفة حيوية لا تعني الجمود، وإنما التمييز والتفكّر.

إن التفكير فريضة إسلامية.. وعلى أساسها خص الله العلماء بقوله «يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات».

وأيضاً جاء في القرآن الكريم: «قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تَتَفَكّروا».

مشكلتنا مع «داعش» وغيرها، أن العقل العربي والإسلامي لايزال مكبلاً بأعراف غدت ديناً، واجتهاد لايزال معلقاً.. لذلك، فإن تحرير العقل العربي، وفقاً للرؤية القرآنية السامية، أولى المعارك ضد «داعش».

نقلا عن جريدة الطليعة