عبد الله النيباري : «داعش» لإعادة العرب إلى العصر الحجري!

عبدالله النيباري نائب سابق

عبدالله النيباري
نائب سابق

يبدو أن المنطقة العربية موعودة بحروب، وليست حرباً واحدة ممتدة وطويلة الأمد مع «داعش» وأخواته وفروعه فحسب، بل والمتعاطفين معه ومؤيديه.

قبل ثلاثة أشهر انتقل «داعش» من المناطق التي يحتلها في سوريا إلى العراق ليفاجئ العالم باحتلاله الموصل ومساحات تمثل ثلث مساحة العراق، وأعلن قيام دولة الخلافة الإسلامية، ما أطلق موجات رعب هزت العالم.

حتى الآن، لم تفلح الجهود في تشكيل قوة تواجه توسع «داعش» وتحاصره، أملاً في القضاء عليه، فالمؤتمرات التي عُقدت في جدة وباريس، لإيجاد تحالفات على مستوى إقليمي وعالمي، لمواجهة هذا التنظيم، اقتصرت على الدعم السياسي، ولم تتوصل إلى اتخاذ قرارات، ببناء قوة عسكرية لمواجهته، فيما عدا استخدام الطيران لضرب مواقعه.

وعلى مدى ستة أسابيع مضت، قام الطيران الأميركي بأكثر من 190 عملية قصف جوي ضد مواقع «داعش»، لكن ذلك لم يوقف توسعه، فقد حاصر قاعدة الصقلاوية العسكرية وداخلها 800 جندي، قتل منهم 300، وسقطت القاعدة بعد أسبوع.

قوة مفاجئة

قوة «داعش» المفاجئة يستمدها من عاملين: توحش وبشاعة ممارساته، وضعف خصومه، فتصرُّفات هذا التنظيم، بتوحشه وبشاعته، هزت العالم وأرعبته من ناحية، لكنه في الوقت نفسه كسب تأييداً من التوجهات المتطرفة في المحيط الإقليمي، بل حتى في أوروبا، غربها وشرقها.

في المقابل، لم يستطع الخصوم في العراق، ولا في الإقليم، ولا حتى الحلفاء الدوليون، من تكوين قوة قادرة على مواجهة تحدي «داعش».

القصف الجوي مؤثر في تحطيم الآليات، التي استولى عليها، وشل القدرات اللوجستية، ولكن هزيمة «داعش» تتطلب حشد قوة أرضية تلاحقه حتى في أوكاره، فالقصف الجوي وحده لا يكفي لهزيمته، وفق تقدير وزارة الدفاع الأميركية.

وحشد القوات الأرضية يواجه عقبات، فأميركا والدول الغربية لن ترسل قوات أرضية، وتقتصر مشاركتها فقط على السلاح الجوي والمخابرات.. أما الدول التي يحتل «داعش» أراضيها، العراق وسوريا، فتواجه عوائق جمة، فالعراق يواجه مشكلة ضعف قواته المسلحة، التي كشف عنها سقوط الموصل والأنبار، وحتى الآن تتعثر محاولات بناء قوات حرس وطني تساند ما تبقى من الجيش، والميليشيات الشيعية لم تبرز لها فاعلية حتى الآن، والقطاع السُني حتى الآن غير مطمئن وغير واثق في الحكومة، وقوات البشمركة الكردية حققت نجاحات في المناطق الشمالية، لكن «داعش» لا يزال يتمدد في الأنبار والفلوجة، القريبة من بغداد.. أما النظام السوري، فهو غير مؤهل لخوض معركة مع «داعش»، لانشغاله بمحاربة قوى الثورة، فـ«داعش» الذي سيطر على الرقة وما حولها منذ أكثر من سنتين لم يلتفت إليه نظام الأسد، رغم ادعائه بأن ما يواجهه هو حرب من قوى الإرهاب.. أما مشروع بناء قدرات الجيش الحُر وحلفائه، وفق برنامج أميركا لتدريبهم في السعودية، فذلك سيستغرق وقتاً ربما يطول.

الحل الأمثل

ومشاركة دول عربية أخرى بقوات أرضية هي الحل الأمثل، فدونه عقبات جمة من القدرات المحدودة لهذه الدول، ومنها الاستقطابات الفئوية والطائفية، ونفوذ دول إقليمية، وهو ما يثير التساؤل: هل تساعد لقاءات وزير الخارجية السعودي بوزير الخارجية الإيراني لتجاوز العوائق، التي تحول دون توحيد الصفوف في مواجهة سرطان «داعش»؟ هذا يتطلب لحلحة موقف إيران في مساندتها لنظام الأسد، وإعادة نظرها في استخدام نفوذها في العراق.

المخاوف من امتداد الحرب أو الحروب مع «داعش» تتعزز عند النظر إلى وضع أفغانستان والصومال ونيجيريا، فـ«داعش» ليس فقط جيشاً نظامياً، لكنه يخوض حرب عصابات، وهو لا يحارب دولاً وجيوشاً فقط، ولكنه يحارب الأفراد العاديين، فهدفه وأسلوبه قتل المخالفين، مسلمين وغير مسلمين، وكل مَن لا يبايع خليفته.

المنابع التي يستقي منها «داعش» فكره ويبرر بها تصرفاته، هي المنابع نفسها للتيارات الإسلامية المتطرفة، التي تتبنى تطبيق الشريعة، مثل الحوثيين، والجماعات الإسلامية في ليبيا، والمجاميع الإرهابية في مصر.

لذلك، يعلن «داعش» مناشدته لكل هؤلاء، باختطاف وقتل الكفار والمشركين الغربيين، وعلى الأخص الفرنسيين، واستخدام كل الوسائل بذبحهم أو بتكسير جماجمهم، أو بإلقائهم من أماكن عالية.

وتقول مجلة الإيكونومست إنه ما لم يتم القضاء على «داعش»، فإن مخاطره قد تتمدد إلى الأردن والسعودية والدول المجاورة، لذا فإن مواجهة «داعش» تتطلب جهوداً لحشد قوى أقطار المنطقة تكون أكثر جدية من التوجهات الحالية.

نقلا عن جريدة الطليعة