
سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي
يعد كيسنجر، وزير الخارجية الأميركي الأسبق ومستشار الأمن القومي، من أكثر العقول وأشدها ذكاء، لما يتعلق باستراتيجية العمل السياسي الأميركي.
كسينجر، هو صاحب أشهر المقولات التي بنت عليها أميركا الكثير من أسس سياساتها الخارجية بمنطقة الشرق الأوسط، والتي امتدت لعقود، وذلك حين صرَّح في أعقاب القرار العربي بحظر تصدير النفط إلى الغرب إبان حرب 1973، بأن العرب يجب ألا يستخدموا مستقبلاً النفط كسلاح سياسي، ومن يومها وأميركا والغرب معها يتبعون نصيحة كيسنجر، والتي تحققت حين أصبح النفط سلعة لجلب الأموال فقط، وليس سلاحاً استراتيجياً أبداً.
كيسنجر صرَّح أخيرا، بأن خطر إيران يفوق خطر الدولة الإسلامية، وأن طهران تسعى لتشكيل حزام شيعي يمتد من طهران إلى بيروت، مروراً بالعراق وسوريا، شارحاً أن ذلك يأتي محاولة لإحياء الإمبراطورية الفارسية في إطار طائفي شيعي.
أخيراً صدر لكيسنجر كتاب جديد بعنوان «النظام العالمي»، يتحدَّث فيه عن الحروب العربية المتوقعة بمنطقة الشرق الأوسط، والتي ستشهد صراعات شبيهة بالحروب الدينية في أوروبا في القرن السابع عشر، وإن كانت ستكون أكثر اتساعاً، وهو يرى أن النزاعات الداخلية والدولية تقوي بعضها البعض، وأن الصراعات السياسية والطائفية والعشائرية والإقليمية والأيديولوجية والمصالح القومية تختلط بعضها ببعض، إذ إن الدين عاد ليحمل السلاح في خدمة الأهداف السياسية.
كما يرى كيسنجر في كتابه هذا، أنه في عصر الإرهاب الانتحاري وانتشار أسلحة الدمار الشامل، فإنه من الواجب النظر إلى النزاع الطائفي الإقليمي على أنه تهديد للاستقرار العالمي يدعو لتعاون كل القوى الدولية.
ما ذكره كيسنجر في كتابه يتناوله الكثيرون في مقالات وحوارات عديدة، فخطر الحرب الدينية إن وقعت في منطقة الشرق الأوسط لن يكون محصوراً في بقعة اندلاعها، وكما كانت الحال مع حروب أوروبا الدينية، فالعالم كله سيتضرر، والمسؤولية لا تقع هنا فقط على دول النزاع وبؤر الصراع وحسب، فعولمة الأرض أصبحت تفرض على القوى العظمى إيجاد آلية فاعلة وحقيقية للتشاور والتعاون، بدلاً من الأدوات الراهنة التي تقوم على أساس الهيمنة والاستنزاف والابتزاز.
نقلا عن جريدة الطليعة