حبيب السنافي : مليارديرات

حبيب السنافي عضو المكتب السياسي

حبيب السنافي
عضو المكتب السياسي

عانى أهل الكويت قديماً الضنك والشقاء، وجاهدوا لتوفير أرزاقهم، بممارستهم أقسى وأشقى أنواع العمل الشريف، من تعرضهم لمخاطر الغوص، إلى الإبحار في غياهب المحيطات، بحثاً عن أسواق تجارية بأصقاع العالم القاصية، وتحدوا أهوال ووعورة الصحراء وجدبها لشق السبل، وصولاً للمدن الصحراوية، التي كانت تتعاطى معهم التجارة وبقية المنافع، وكانت العلاقة بين تجارها وحكامها وساكنيها قائمة على التعاون والتآخي والتكاتف.. هكذا كانت، وكانت مصادر التجار وثرواتهم معلومة، وغالباً في خدمة الاقتصاد الكويتي المتواضع آنذاك.

أما اليوم، فالحال تبدلت وتغيرت، فبين حين وآخر نفاجأ بثري يتباهى بثروته وممتلكاته بلا صيت أو جاه سابق.. هذا إذا غضضنا الطرف عن مليارديرات متواضعين لا يريدون لأنفسهم الشهرة والمجد.

فبلد مثل الكويت بها 12 مليارديراً، وفق تقرير إحصاء الثروة العالمي 2014، الصادر عن مؤسسة ويلث إكس، ويتنعم فيها 125 مليونيرا، وفق تقرير لمجموعة كاب جيميني الاستشارية، فمن أين أتى هؤلاء الأثرياء بثرواتهم، وكيف استقى كل أولئك الرأسماليون غناهم وممتلكاتهم؟

فنحن في الكويت حتى الآن لم نتبرك بمشاهدة تلك المصانع الجبارة أو المشاريع المنجزة والخدمات المتكاملة التي يعول عليها أصحاب المليارات والملايين في الغرف منها، فكل ما نسمعه، أن مليارات التنمية التي صُرفت حتى الآن تعدَّت عشرات المليارات، التي صبت بكرم وسخاء في خزائن وجيوب هؤلاء الرأسماليين من دون عائد أو جدوى على المجتمع، فما الخدمات وعوائد المشاريع التي استفاد منها المواطن؟ وما الوسائل والآليات التي اتبعها أولئك المليارديرات والمليونيرات حتى كونوا ثرواتهم؟ وأي مناقصات هائلة حصلوا عليها، ليراكموا ثرواتهم؟ فنحن، كشعب، لم نسمع سوى «الجعجعة»، ولم نرَ الطحين أبداً.

ثروات أولئك لا أثر لها على النمو والنشاط الاقتصادي والاجتماعي داخل البلد، كيف تكونت للرأسماليين ثرواتهم؟ وأي حكومة رعت مصالحهم وقدمتها؟ ولأي علة تغاضت عن إجبارهم على إنهاء وتسليم المشاريع والعقود- التي حصلوا عليها بألف وسيلة وطريقة – كاملة مستوفية للشروط وخاضعة للمراقبة والمتابعة؟ ومتى تقرر حكومتنا تطبيق النظام الضريبي على ثروات أولئك، أو مساءلتهم عن مصادر ثرواتهم المتضخمة وطرق جنيهم للمال؟ أم أن همّها فقط تذكيرنا يوماً بعد آخر بأن الدعم بات على المحك، وأن زمن الرفاهية آن له الزوال؟!

يا مليارديرات الكويت، من أجل وطنكم، مدوا كف الندى، واتركوا البخل لنا.

نقلا عن جريدة الطليعة