
سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي
أعدت صحيفة ديلي تلغراف البريطانية في الشهر الماضي تقريراً حول الجهاديين الأوروبيين، حيث أجرت مقابلة نادرة على الحدود التركية مع سوريا مع أحد المنشقين عن «داعش»، ويُدعى «مراد»، الذي أكد وجود مقاتلين من بريطانيا والولايات المتحدة يجرى تدريبهم على أعمال عنف في الغرب، وعلى كيفية تفجير سيارات مفخخة وأحزمة ناسفة وإعادتهم إلى وطنهم، لتكوين خلايا إرهابية، محذراً من عمليات «غسل الدماغ» التي تجريها لهم «داعش»، من أجل شن عمليات إرهابية في بلادهم حين عودتهم.
يعود مفهوم «غسل الدماغ»، تاريخيا، إلى قدماء المصريين، ثم تطور عبر التاريخ، ولعل من أشهر من استخدمه هم الصينيون الشيوعيون في 1950 عندما كانوا يطبقون برنامجاً يسمى «الإصلاح الفكري الشيوعي الصيني»، حين اعتقدوا بأن الأفراد الذين لم يتعلموا في مجتمع شيوعي، لديهم أفكار برجوازية، ويجب إعادة تعليمهم، قبل أن يأخذوا مكانهم في المجتمع.
تم تعريف «غسل الدماغ» بكونه سلاحا من أسلحة الحرب النفسية، يرمي إلى السيطرة على العقل البشري، وتوجيهه بغايات مرسومة، بعد أن يتم تجريده من مبادئه السابقة.
اليوم، وفي ظل سيادة الإعلام، بفعل ثورة المعلومات والتكنولوجيا المتقدمة والمتطورة أصبح مفهوم «غسل الدماغ» يرمز إلى كل وسيلة تقنية مخططة ترمي إلى تحوير الفكر أو السلوك البشري ضد رغبة الإنسان وإرادته أو سابق ثقافته وتعليمه.
العلماء يرون أنه لكي يكون مثل هذا التحول في إرادة الإنسان مؤثراً، يجب أولاً استثارة انفعالات الشخص، حتى يصل إلى درجة قوية من درجات الغضب أو الخوف أو النشوة.. حينها يكون أكثر استعداداً لتلقي الإيحاءات التي قد لا يتقبلها في الظروف العادية.. هذه الاستثارة، إما أنها تأتي بوسائل وطرق نفسية، وإما باستخدام العقاقير.
صديق بريطاني حدثني يوماً قائلاً إنه كمواطن، فهو خاضع لإملاءات روبرت مردوخ، إمبراطور الاعلام في بريطانيا، فهو الذي يقرر له ما يلبس وما يأكل وما يُصدق وما يعتقد.
فإذا كانت هذه هي حال مواطن بريطاني يعيش ويمارس حرية القرار والخيار بدرجة عالية من الشفافية، فما حالنا نحن العرب ونحن محاصرون بكافة مؤسسات «غسل الدماغ»، الكترونيا وتعليميا وتربويا وإعلامياً، بل وحتى اجتماعيا وعقائدياً وأسريا؟!
نقلا عن جريدة الطليعة