حبيب السنافي : حال المعارضة

حبيب السنافي عضو المكتب السياسي

حبيب السنافي
عضو المكتب السياسي

الهدوء والسكون لمعارضتنا السياسية قد يفسِّرها البعض بالاستسلام للواقع الراهن لمجريات الساحة السياسية، والقبول بالنهج السياسي الفاشل على كل المستويات لخطط ما يسمى بالتنمية، أو الحسبان بفتور الحراك الشبابي والاجتماعي نحو التغيير لواقع أفضل، وهذا تشخيص مجانب للصواب، لأن التغيير الاجتماعي الذي هو الممهد للتغيير السياسي يستدعي أحياناً فترة من الركود والكمون، تتم خلالها المراجعة النظرية وتبادل الأفكار والاقتراحات والحلول وتقليب وجهات النظر وتمحيص الآراء لضمان نجاح التطبيق لما يتم الاتفاق والإجماع حوله.
حالة الركود المشهودة، التي أعقبت الحراك الشبابي الصاخب، حالة صحية مطلوبة، وهي لا تعبّر عن التقاعس والتخاذل والاستسلام، بل على النقيض من ذلك، حيث تركن الحركات السياسية بين آونة وأخرى لمراجعة أوراقها وترتيب أوضاعها، وحتى السلطة نفسها قد ترغب في استغلال الفرصة لتطوير خطة سياساتها وتحسين أداء وزاراتها ومؤسساتها إن هي رغبت فعلاً في تحسين خدماتها وكسب الرضا الشعبي إلى جانبها.

أزمة معارضتنا أنها غير مؤطرة بالإطار القانوني، الذي يوفر لها المشروعية ومرونة المناورة والمعاكسة، ويهيئ لها دعم القاعدة الشعبية والعمالية والطلابية، ويجنبها التخبُّط الحكومي بإصدار قراراته الهوجاء، بموازاة المطالب الخجولة لنوابنا بتنظيم وإطلاق الحرية للأحزاب السياسية، التي تعد من المقومات الأساسية للديمقراطية، ولو أن النواب وقفوا صفاً واحداً في مواجهة التعنّت الحكومي لنالوا مآربهم لا شك، لكنها ألاعيب السياسة ذات الوجوه المزيفة بلا حياء.

على المعارضة السياسية العمل بجد واجتهاد لتقريب الآراء بين أطيافها، من خلال لقاءات جادة تسفر عن مشروع وطني متفق عليه بالحد الأدنى، يسعف حالة السخط الشعبي والتذمر من الأداء الحكومي وسياسته العقيمة، ويعيد الحيوية للمعارضة لتمارس دورها المطلوب في مراقبة الأداء الحكومي ومتابعته.

قيادات المعارضة الشعبية ورموزها تعتمد على دعم الفئات الشابة، والقوى الشبابية تنتظر منها الجهد الدؤوب لرسم خارطة تمهد الدرب للاستفادة من دعم القوى الفتية، بالإضافة إلى تكريس علاقتها بجمعيات المجتمع المدني، والعمل بالتنسيق معها، كما عليها (القيادات) الاستقلال بقراراتها واجتناب أي أجندات وضغوط حزبية وحكومية تفقدها المصداقية والثقة وتتركها في مواجهة الضغط الحكومي وحيدة.

خاتمة الحديث: على الحكومة العمل الجاد والمخلص لإثبات حُسن نيتها وجديتها للارتقاء بالوضع المأساوي لما آلت إليه أحوال البلد، وعلى المعارضة أن تعي المرحلة المقبلة كفترة للإعداد والتحضير لإثبات قدرتها على ممارسة دورها صفاً واحداً ضد التخبُّط الحكومي المتنامي.

نقلا عن جريدة الطليعة