
عبدالله النيباري
نائب سابق
وصفت تقارير الصناعة النفطية الهبوط الحاد في أسعار النفط في الفترة الأخيرة بأنه صدمة نفطية، فقد هبطت أسعار برميل النفط الخام فجأة من المعدلات المرتفعة التي سادت السنوات الخمس الماضية، والتي وصلت إلى 115 دولاراً لبرميل النفط الخام، لتنحدر إلى 85 دولاراً، وهو بالفعل ما يمثل صدمة شديدة لدول الأوبك المصدِّرة للنفط، التي يعتمد معظمها على الإيراد النفطي في تمويل موازناتها المالية، خصوصاً دول الخليج العربية، فانخفاض بنسبة تفوق الـ25% قد يؤدي إلى امتصاص الفوائض المالية في بعض الدول كالكويت، وقد تسبب عجزاً في موازنات بعض الدول الأخرى.
والسؤال الآن الذي يشغل بال المعنيين: ما الأسباب أو العوامل التي أدت إلى هذا الانخفاض الحاد؟
أول ما يتبادر إلى الأذهان، خصوصاً لدى العامة من شعوبنا في المنطقة العربية، مسألة إذا ما كانت وراء ذلك أسباب وأغراض سياسية في خضم الصراع السياسي بين الدول الكبرى وخصومها.
ولكن حتى مع افتراض وجود دوافع سياسية، فلا يمكن إهمال العوامل والأسباب التي طرأت على المشهد النفطي، والتي قد تكون عوامل حاسمة في أزمة الأسعار.
تشير التقارير الاقتصادية في تحليلاتها لهذا الأمر إلى ظاهرة ركود أو انخفاض الطلب وزيادة المعروض من كميات النفط من جهة، وأن انخفاض الطلب يعود إلى الركود الاقتصادي في بعض الدول الكبرى وتباطؤ النمو في دول أخرى.
فاليابان، على سبيل المثال، تعاني من انخفاض في الناتج القومي للربع الثاني من هذا العام، وكذلك ألمانيا، فأرقام الإنتاج الصناعي والصادرات سيئة، في حين أن نمو الاقتصاد الأميركي يتّسم بالتباطؤ، كما خفض صندوق النقد الدولي تقديراته لمعدلات نمو الاقتصاد العالمي للمرة الثالثة هذا العام إلى معدل 3.3%، وتشير التكهنات المتعلقة بالنمو للعام المقبل 2015 إلى أنه سيكون طفيفاً، وهو ما يعني أن معدلات النمو المنخفضة تنعكس بانخفاض الطلب على الطاقة.
ووفق تقديرات وكالة الطاقة الدولية، فإن الزيادة السنوية في الطلب على النفط هذا العام (2014) كانت في حدود 700 ألف برميل يومي، وهو أقل من عام 2013 بمقدار 200 ألف برميل يومي، وتتوقع تقديراتها نمواً طفيفاً في العام المقبل.
ارتفاع الإنتاج
إلى جانب انخفاض وركود الطلب، هنالك الزيادة في الكميات المعروضة من النفط في السوق العالمي، ويعود الفضل في ذلك إلى ارتفاع الإنتاج في الولايات المتحدة، نتيجة لثورة النفط الصخري، فقد ارتفع إنتاج الولايات المتحدة من 7.3 ملايين برميل يومياً عام 2007 إلى 11 مليون برميل يومياً في عام 2013، ويزداد إنتاج الولايات المتحدة في كل سنة بمعدل مليون برميل يومياً عن السنة السابقة، والمتوقع أن يصل معدل الإنتاج مع نهاية هذا العام إلى 12.6 مليون برميل.
وقد صاحب ظاهرة ارتفاع الإنتاج أمران، الأول تناقص استيراد الولايات المتحدة من النفط من معدل 10 ملايين برميل إلى 7.6 ملايين برميل هذا العام، والثاني انخفاض الاستهلاك من الجازولين (من 9.3 إلى 8.7 ملايين برميل يومياً) والمنتجات الوسيطة كالديزل والكيروسين (من 4.2 إلى 3.84 ملايان برميل يومياً).
هذه العوامل تؤثر سلبياً على أسواق النفط، وتؤثر في مستوى الأسعار نحو المزيد من الانخفاض.
زيادة الإنتاج من دول «أوبك»
لا تقتصر زيادة العرض من كميات النفط على ارتفاع إنتاج الولايات المتحدة، فدول «أوبك» لها نصيب في ذلك، فهنالك ارتفاع الإنتاج من ليبيا من 200 ألف إلى 900 ألف برميل يومياً، وتتجه للوصول إلى معدل 1.1 مليون برميل يومياً، وكذلك المملكة العربية السعودية أعلنت عن زيادة في الإنتاج أكثر بمقدار 107 آلاف برميل.
نقلا عن جريدة الطليعة