
عبدالله النيباري
نائب سابق
هكذا كان المانشيت الرئيسي على الصفحة الأولى، وبالبنط العريض لجريدة القبس الغراء (الخميس 23 أكتوبر 2014).
وأوضحت القبس أن الميزانية يمكنها تحمل الانخفاض حتى 52 دولاراً لبرميل النفط ،فتلك الأسعار تحقق 16 مليار دينار إيرادات نفطية، يضاف إليها نحو ملياري دينار إيرادات غير نفطية، لتصبح 18 مليار دينار كما يمكن إضافة دخل استثمارات الاحتياطي المستثمر في الخارج بحوالي 4 إلى 5 مليارات دينار، ليكون المجموع بين 22 إلى 23 ملياراً، وهو مبلغ أكثر من حجم الإنفاق، وسيكون لتغطية أعباء الميزانية.
ومعلومة سعر 52 دولاراً للبرميل وردت في تقرير لصندوق النقد الدولي، تطرق إلى أسعار النفط المطلوبة لكل دولة في الخليج، لكي تحقق الإيراد الذي يحقق التعادل مع المصاريف في موازناتها.
في تقديري أن الكويت لن تكون في مأمن من الناحية المالية فيما لو انخفضت أسعار النفط إلى أقل من 75 دولاراً، فما بالنا لو انخفضت إلى 52 دولاراً.
فإذا كانت موازنة الدولة المحسوبة على أساس 75 دولاراً للبرميل أظهرت عجزاً بمبلغ 1600 مليون دينار, فكيف يتحقق التعادل في الميزانية مع انخفاض السعر إلى 52 دولاراً للبرميل.
أعتقد أن هنالك لبساً في الموضوع أو في طريقة الحساب.
معلومة 52 دولاراً وردت في تقرير لصندوق النقد الدولي تضمن جدولاً لأسعار النفط التي تحقق توازناً أو تعادلاً بين الإيرادات والمصروفات في ميزانيات دول الخليج، وجاء فيه أن السعر المطلوب لتحقيق التوازن في الكويت هو 52 دولاراً, ومن غير الواضح كيف تم التوصّل إلى هذا الرقم، مع أن موازنات دولة الكويت معلنة ومنشورة منذ بداية العمل بالدستور عام 1962، فسعر 75 دولاراً للبرميل المعتمد في الميزانية، هو بناء على نصيحة صندوق النقد.
الميزانية العامة لدولة الكويت للسنة المالية 2014 – 2015 تظهر عجزاً يُقدر بمليار وستمئة مليون دينار (1.6 مليار د.ك) على الرغم من أن إيرادات النفط محسوبة على أساس 75 دولاراً لبرميل النفط ومعدل إنتاج 2.7 مليون برميل نفط يومي.
تقديرات القبس اعتمدت حجم إنتاج 2.9 مليون برميل يومي (بزيادة حوالي 200 ألف برميل يومي عن المفترض في ميزانية الدولة) أي 73 مليون برميل سنوي يحقق زيادة في الإيرادات قيمتها مليار دينار، لكنها لا تعطي الفرق في الإيراد بين تقدير القبس وتقديرات الميزانية.
وفرق الإيرادات كبير بين أرقام القبس وأرقام الميزانية، يبلغ 5 مليارات دينار، وقد يعود ذلك إلى أن تقديرات القبس لم تأخذ بعين الاعتبار خصم تكاليف الإنتاج التشغيلية، أي الجارية، وليس الرأسمالية، وهي رقم ضخم يبلغ 2.5 مليار دينار، بمعدل 2.5 دينار تكلفة البرميل، ولو خصم هذا المبلغ من الإيرادات لانخفضت تقديرات القبس من 16 مليار دينار إيرادات نفطية إلى 13.5 مليار دينار.
الأمر الآخر قدرت القبس الإيرادات غير النفطية بمبلغ 2 مليار، بينما قدرت في الميزانية بـ 1.2 مليار دينار بفارق 800 مليون دينار.
وقدرت القبس دخل الاستثمارات بين 4 إلى 5 مليارات، وأن يستخدم ذلك لتغطية النقص في الإيرادات وهذا بند جديد..
فاللجوء إلى السحب من الاحتياطي، وهو أمر وإن كان متاحا في كل الأحوال، ولكن النظام المعمول به في الكويت أن دخل الاحتياطي متى تحقق يضاف إلى الاحتياطي وأي إجراء غير ذلك يصنف على أنه سحب من الاحتياطي، وهذا ما جرى العمل به إبان الغزو وبعده في عقد التسعينيات، لتغطية عجوزات الميزانية.
لهذا الكويت لن تكون في مأمن مالياً إذا انخفضت أسعار النفط إلى 52 دولارا، بل لن تكون في مأمن من الناحية المالية حتى عند 75 دولارا للبرميل، بل تحتاج إلى 77 دولارا لكي تغطي بالكاد مصاريف الدولة، وذلك من دون إضافة أي مبلغ للاحتياطي كما جرت العادة.
طبعا نحن نتحدث عن المخاطر في المدى القصير، فلن تكون هنالك أزمة إذا بقيت الأسعار فوق 80 دولارا للبرميل.
وبإمكان الكويت ودول الخليج اللجوء إلى السحب من احتياطياتها المستثمرة في الخارج , ولكن إذا استمر تدهور الأسعار فذلك يؤدي إلى استنزاف الاحتياطيات وهي محدودة كما احتياطيات النفط.
أما على المدى الأبعد فاستمرار الاعتماد على مورد ناضب كالنفط أمر محفوف بالمخاطر.
فمعدل نمو الإنفاق العام يتراوح بين 7% و10% أي يتضاعف كل عشرة أعوام وقد تضاعف في العشرة أعوام الأخيرة أربع أضعاف من 5.5 مليارات إلى 21.7 مليارا، والتقديرات تشير إلى العجوزات في الميزانية ستبدأ في الظهور في 2023.
وعلى المدى المتوسط أي 5 – 10 سنوات تواجه الكويت ودول الأوبك تحديات تطور النفط الصخري.
وعلى المدى الأبعد تواجه احتمالات نضوب المخزون النفطي مع زيادة السكان وزيادة استهلاك الوقود الذي يمثل الآن حوالي 10% من الإنتاج. أما إمكانات تحقق شعار تنويع مصادر الدخل القومي أو إيرادات الميزانية كما يتحدث أقطاب الحكومة، فهي أضغاث أحلام من الصعب تحقيقها ولو بمعدلات متواضعة، في ظل أداء الحكومات المتعاقبة، التي يبدو أنها تتقدم إلى الخلف وتسير القهقرى.
نقلا عن جريدة الطليعة