سعاد فهد المعجل : تونس عادت خضراء

سعاد المعجل عضو المكتب السياسي

سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي

انطلقت شرارة الربيع العربي من قلب تونس، وامتد لهيبها لتُسقط الشعوب العربية زعامات مخلدة فاسدة، لكن الثورات كالعادة لا تسير في طريق مستقيم دائماً، بل تعترض طريقها عادة الطحالب والفيروسات المتسلقة، التي عادة ما تسعى إلى تحوير مسار الثورة لمصلحتها، حدث ذلك في تونس ومصر، ويحدث في سوريا واليمن وليبيا والعراق!

الانتخابات التونسية ونتائجها الأخيرة تبشِّر، وتشير إلى أن تونس قادرة على إعادة الأمل في الربيع العربي لدى الكثير من الشباب والشابات في كل دول العالم العربي!

لم يساورنا الشك يوماً في جدوى وجدية مسار «الربيع العربي»، فالتاريخ يذكِّرنا دائماً بأن الثورة الفرنسية التي قام بها الرعاع والعامة، وليس المنظِّرون والفلاسفة قد احتاجت إلى ثمانين عاماً قبل أن تتبلور أول جمهورية فرنسية منتخبة! لكن المبادئ التي أتت بها هذه الثورة استطاعت أن تشق طريقها عبر أوروبا لتصل إلى القارة الأميركية!

الربيع العربي كذلك أطلق مبادئ تتعلق بالحقوق البشرية التي كانت إلى ما قبل ثورات 2011 مجرد أساطير وأمنيات يبوح بها العامة سراً وفي الخفاء خوفاً من قبضة السلطة وقمعها!

فمشهد المواطن السوري والليبي والعراقي واليمني، وهو يرفع شعاره ومطالبه المتعلقة بحقه في التعبير عن الرأي والتظاهر والمشاركة السياسية هي مشاهد ما كنا لنراها لولا بذرة الوعي التي أطلقها دخان جسد البوعزيزي، وهو يحرق نفسه استنكاراً لقمعه كمواطن!

مسار الثورات كما أشرت في البداية ليس مفروشاً بالورد، بل إن المنعطفات هي ما يؤمن للثورات نتائج نهائية ثابتة، وفرزاً مستحقاً على كل الأصعدة!

انتخابات تونس وما أسفرت عنه من نتائج تشكل مشهداً سياسياً عربياً جديداً، فبالإضافة إلى نزاهة هذه الانتخابات وشفافيتها بشهادة محكمين ومراقبين دوليين، فإنها أخرجت نماذج وقوى سياسية جديدة ومختلفة، وتنوعاً مثمراً يبشر ببداية جديدة وخضراء لتونس! ولعلها كتجربة عربية قد أزالت مفهوماً خاطئاً أصبح مرتبطاً بفشل العرب في التحول الديمقراطي السلمي! وبهذا يمكن القول إن تونس قد اجتازت الاختبار الذي وضعه الكاتب والمفكر السياسي «صامويل هنتنجتون»، حين قال قبل 20 عاماً إن في الديمقراطيات الوليدة يجب أن يحدث انتقالان سلميان للسلطة».. وهو ما تحقق في تونس، التي عادت خضراء!

نقلا عن جريدة الطليعة