أحمد الخطيب : مهزلة التصدي لـ «داعش» والأسد

د. أحمد الخطيب نائب سابق

د. أحمد الخطيب
نائب سابق

لا شك بأن تصرفات «داعش» مقززة ووحشية، لا يمكن تأييدها، وكذلك النظام السوري، الذي يحكم بالقوة لا يمكن تأييده، لكن السؤال المطروح هو هل الأطراف العربية والدولية في هذا التحالف مؤهلة أخلاقياً للقيام بمهمة القضاء عليهما؟

فـ «داعش» ليس موجوداً في العراق وسوريا فقط، بل في الوطن العربي كله، لأن هذه البيئة العربية البائسة هي التي أنبتت «داعش» وغيره.

ما الفرق بين مذهب «داعش» والمذهب الوهابي؟

كلاهما يرفض الغير، ويعتبره خارجاً عن الملّة، مصيره القتل بعد تكفيره، وقد خبرنا نحن في الكويت مآسي هذه المجموعات عندما هاجمتنا وقتلت الكثيرين من أبنائنا وقادتنا في معركة الجهراء وغيرها.

أليس «داعش» وقبله الطالبان والمجاهدون الأفغان خريجي مدارسنا الدينية على مختلف مسمياتها المنتشرة في كل بقاع العالم، التي تدرس كراهية الآخرين وتكفيرهم وقتلهم؟!
نحن المدربِون والممولون بإشراف وتوجيه من الغرب لمحاربة المعسكر الاشتراكي، كما تم الاعتماد عليهم في محاربة كل ما هو وطني رافض للهيمنة الغربية في مجتمعاتنا العربية بعد الزلزال الذي حل بالمنطقة بعد وفاة جمال عبدالناصر والتصالح مع الغرب وإسرائيل.

كم كان مفرحاً لبعض الأنظمة العربية المستبدّة قيام تحالف مع أطراف من هذه القوى لتثبيت وتقوية قبضتها على كل معارضة وطنية لها!

نحن لا نستطيع إلا أن نشك في نوايا الكثيرين، ونشم رائحة البترول من بعضهم، وتعطّش الآخرين لبيعنا المزيد من أسلحتهم لإنعاش اقتصادهم المعتمد على التحالف العسكري المالي المهيمن على السياسة الغربية والأميركية بالذات.

هذه الدول الكبرى تعمل لحماية مصالحها، فهي ليست جمعيات إنسانية خيرية يشرف عليها «بابا نويل»!

لكن في النهاية «داعش» -وغيره- حتى لو انتصر فلن يستطيع أن يؤسس دولة، لأنه لا يملك القدرة على الاحتفاظ بها أمام الفارق الهائل في التسليح بين المعسكرين، وسوف يتحول إلى مجموعات تحدث دماراً هنا وهناك.

القوى الدينية كذلك لا تستطيع أن تقيم دولة عادلة تلبي مطالب واحتياجات شعوبها، لأنه ليس لديها برامج إنمائية.

برنامجهم يقتصر على تطبيق الحدود وبعض الشعائر الدينية، وتجاربهم في أفغانستان وباكستان والسودان وإيران والسعودية دليل على ذلك، كما يصعب على هؤلاء التكيّف مع الاكتشافات العلمية المتسارعة والمذهلة، التي سوف تغير الكثير من المفاهيم.

نقلا عن جريدة الطليعة