سعاد فهد المعجل : الديمقراطية الليبرالية!

سعاد المعجل عضو المكتب السياسي

سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي

أثارت تداعيات الربيع العربي سؤالاً جدلياً حول ثنائية الديمقراطية والحرية، وذلك قبل أن يثيره المفكر الأميركي «فرنسيس فوكوياما» صاحب نظرية نهاية التاريخ، وذلك في كتابه الأخير «النظام السياسي.. والتحلل السياسي». في كتابه هذا يتمسك «فوكوياما» برؤيته التي استعرضها في «نهاية التاريخ»، والتي تقول إن الديمقراطية الليبرالية هي وحدها القادرة على أن تصمد في وجه التغيرات التي يشهدها العالم بعد سقوط جدار برلين، وانهيار الاتحار السوفيتي!

وهو هنا يستند في جدله هذا إلى أنه لا يوجد منافس ولا بديل للديمقراطية الليبرالية في ما يطرحه العالم اليوم من نظريات وآراء!

الفصل الأهم، على الأقل بالنسبة لنا -نحن العرب- وبالنسبة للعالم كذلك، والذي يراقب ويتفاعل من أقصاه إلى أقصاه مع أحداث العالم العربي المتسارعة! يتناول فيه «فوكوياما» ظاهرة «الربيع العربي»، حيث يشير إلى أن العرب لايزال أمامهم طريق طويل لتحقيق الديمقراطية، وهو هنا يستبعد أوضاع أوروبا في القرن التاسع عشر والثورات الأوروبية، ويقارنها بثورات الربيع العربي، حيث أدت كلتا التجربتين إلى تغيرات اقتصادية واجتماعية هائلة دفعت وبقوة إلى بروز طبقة متوسطة، حملت على عاتقها مهمة التغيير، هذه الطبقة المتوسطة ظهرت في أوروبا بفعل الثورة الصناعية، بينما تعود أسباب ظهورها في العالم العربي لمسألة التمدين أو الهجرة إلى المدنية، وهو هنا يذكر بعض الإحصائيات التي تقول إنه وبين العام 1970 و2010، ارتفع عدد سكان المدن في العالم العربي من 30 في المئة إلى 50 في المئة، هؤلاء انقلبوا على أنظمتهم عندما عجزت عن تحقيق توقعات هذه الطبقة الناشئة والمتحركة دوماً!

«فوكوياما» تحدّث عن «الديمقراطية الليبرالية»، وهي مصطلح أصبح متداولاً وبشدة بين الجموع الشبابية التي فجّرت ثورات الربيع العربي، والديمقراطية بالنسبة للوعي الشبابي الجديد، ليست وحدها ما يحقق طموحاتهم، فالنظام الديمقراطي يبقى برأيهم نظاماً مقيداً، لأن الأغلبية الحاكمة فيه هي التي تحدد وتفرض على جميع المواطنين درجة ممارستهم لحرياتهم بناء على ما يرى فيه النظام «المصلحة العامة»، بينما الليبرالية تدافع عن كل الحريات وفي كل الاتجاهات، خاصة حرية المعتقد والعقيدة، التي لاتزال شوكة في طريق التحول الديمقراطي الحقيقي في المجتمعات العربية!

الإنكليزي «سبينوزا» هو أول من حاول تفسير الحرية بصورة علمية عندما قال: «الحرية هي وعي الضرورة أو الضرورة، وقد صارت وعياً»!

ولعل أجمل من عبّر عن مفهوم الحرية بشكل رائع هو «فوليتر» حين قال: «أنا لست من رأيكم، ولكنني سأصارع من أجل قدرتكم على القول بحرية»!

«الديمقراطية الليبرالية» التي تحدّث عنها «فوكوياما» هي ما يعبر عنه الشباب اليوم في كل مطالبهم، وهي تنص على وجود حماية حقوق الأفراد والأقليات من سلطة الحكومة، ربما في ذلك البرلمانات المنتخبة! وكما هو واضح فإن الطريق لتحقيقها طويل أمامنا، لكن المهم أنه بدأ!

نقلا عن جريدة الطليعة