سعاد فهد المعجل : مقاطعة إسرائيل!

سعاد المعجل عضو المكتب السياسي

سعاد المعجل
عضو المكتب السياسي

في ظل ضبابية المشهد السياسي اليوم، يقفز إلى الواجهة سؤال منطقي حول علاقة الدول العربية بإسرائيل.. وهل لايزال برنامج المقاطعة قائما؟.. أم أنه انتهى تحت أنقاض التحالفات والعلاقات العربية – الإسرائيلية السرية؟!

حين زرت قطر في أبريل الماضي.. فوجئت بحجم التواجد الإسرائيلي العلني.. ومن قبلها شاهدنا زيارة إسحق رابين الرسمية لقطر، ثم مشاركة قطر رسميا في جنازته، كما سمعنا عن إجراء نائب وزير الخارجية الإسرائيلي محادثات مع مسؤولين عُمانيين في مسقط في عام 1996، وقبلها، أي في عام 1994، قام رئيس الوزراء الإسرائيلي، آنذاك، إسحق رابين، بزيارة لسلطنة عُمان، أجرى خلالها محادثات مع السلطان قابوس.

أما في تونس، فقد تم افتتاح قسم لرعاية المصالح بين كل من تونس وإسرائيل.

وفي الكويت، مثلا، أصبح السفر إلى إسرائيل متاحاً، وإن كان يتم بسرية، «احتراما» لخصوصية قانون المقاطعة، الذي يفترض أن يكون سارياً.

فقد حدثني صديق عن مكتب سياحي في الأردن يوفر هذه الخدمة مقابل 750 دينارا.. يوصّل بعدها الأوراق اللازمة إلى القنصل الإسرائيلي.. الذي يتصل بالزبون في ما بعد، مستخدماً تلفوناً أردنياً، للتمويه، وليسأل الزبون عن سبب الزيارة، ومن ثم يقرر إذا ما كان مستوفيا للشروط الإسرائيلية أم لا.. بعدها يحجز الزبون المسافر لإسرائيل طائرة باتجاه عمّان، ثم يدخل إلى الضفة بسيارة ومنها إلى إسرائيل.

يُقال إن حجم المبيعات السنوية من السلع الإسرائيلية في الأسواق العربية يتراوح بين ملياري وثلاثة مليارات دولار، وخاصة بعد أن وقَّعت أغلب الدول العربية قرار المقاطعة من الدرجتين الثانية والثالثة، وأن دولاً، كتونس والمغرب وموريتانيا وقطر وجيبوتي وعمان، أصبحت ترتبط بعلاقات مباشرة مع إسرائيل.

من المؤكد أن إسرائيل تعطي أولوية للاقتصاد على السياسة، وتسعى إلى تشييد واقع جديد في الشرق الأوسط، تكون الأسبقية فيه للاقتصاد والتبادل التجاري، ما يسمح بالتعاون بين الشعوب، رغم ما يفصل بينها من خلافات سياسية.

عندما أنشئ مكتب مقاطعة إسرائيل عام 1951 من قِبل الجامعة العربية، كان يعد لائحة سوداء مرتين كل سنة باسم الشركات الإسرائيلية.. أما مقاطعة مباشرة أو غير مباشرة للشركات التي تتعامل مع إسرائيل.. أما اليوم، فإن نقابة عمال الموانئ النرويجية تقاطع السفن الإسرائيلية.. ورابطة أساتذة الجامعة في بريطانيا تقاطع إسرائيل أكاديميا.. وإسبانيا تمنع جامعة «أريئيل» الإسرائيلية من دخول مسابقة دولية، لأنها جامعة مقامة على الضفة الغربية.. وتنسحب ممثلة أميركية من مهرجان الأفلام الذي أقيم في القدس، بسبب الغارات الإسرائيلية على أسطول الحرية.

أما العرب، فأصبحوا يبحثون عن أي طريق يوصلهم بالشركات الإسرائيلية.

هو واقع مؤلم حقاً، وما يؤلم أكثر أنه أصبح واقعاً مستساغاً ومقبولاً تحت ذرائع عدة.

نقلا عن جريدة الطليعة